ولو كان الماء كثيرا فزمان كل من الطهارة والنجاسة لا يكون معلوما بالتفصيل.
وتوضيح ذلك ـ هو أن الماء المغسول به الثوب لو كان قليلا : فحال ملاقاة الثوب للماء الثاني قبل انفصال الغسالة عنه يعلم تفصيلا بنجاسته ، إما لنجاسة الماء الأول المغسول به وإنما لنجاسة الماء الثاني الملاقي له فعلا ، ففي زمان ملاقاة الثوب للماء الثاني يعلم تفصيلا بنجاسة الثوب ويشك في زوالها ، لاحتمال أن يكون الماء الثاني هو النجس ولم يتعقبها مزيل ، فيجري استصحاب بقاء النجاسة التي يتعلق العلم التفصيلي بها من حيث نفسها ومن حيث زمانها. وهذا بخلاف الطهارة ، فإنه وإن كان قد علم بطهارة الثوب إلا أنه لا يعلم زمانها ، لتردده بين كونه في زمان عسله بالماء الأول أو بالماء الثاني ، فزمان حصول الطهارة يكون مرددا ، إلا أن ذلك لا يضر باستصحاب بقاء الطهارة ، للعلم بحصولها في الثوب في إحدى الحالتين والشك في ارتفاعها عنه ، لاحتمال أن يكون الماء الثاني هو الطاهر ، فيجري استصحاب بقاء كل من الطهارة والنجاسة في الثوب وهذا من غير فرق بين أن يكون الثوب قبل غسله بالمائين نجسا أو طاهرا.
وقد يتوهم : عدم جريان استصحاب الطهارة إذا كان الثوب قبل غسله بالمائين طاهرا ، لان الطهارة السابقة قد ارتفعت عن الثوب قطعا بملاقاته للماء النجس ولم يعلم بحصول طهارة أخرى للثوب ، بل هي مشكوكة الحدوث ، لاحتمال أن يكون الماء الأول هو الطاهر ، ولا أثر لملاقاة الثوب الطاهر للماء الطاهر ، فاستصحاب الطهارة يكون من القسم الثاني من القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي ، بل أسوأ منه ، لان القسم الثاني كان عبارة عن احتمال حدوث فرد آخر مقارنا لارتفاع الفرد المتيقن ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فإنه لا يحتمل وجود فرد آخر والطهارة في الثوب مقارنا لارتفاع الطهارة السابقة ، لان ارتفاع الطهارة السابقة عن الثوب إما يكون بملاقاته