زمان الكرية والملاقاة ، فلا محيص من القول بنجاسة الماء مطلقا ، سواء جهل تاريخ الملاقاة والكرية أو علم تاريخ أحدهما ، سواء كانت الملاقاة معلومة التاريخ أو الكرية.
أما في صورة الجهل بتاريخهما : فلان أصالة عدم كل منهما في زمان الآخر لا تقتضي سبق الكرية. وكذا إذا علم بتاريخ الملاقاة ، فان أصالة عدم الكرية إلى زمان الملاقاة تقتضي عدم تحقق موضوع الطهارة.
وأما إذا علم بتاريخ الكرية : فأصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكرية لا تثبت تأخر الملاقاة عن الكرية ، ومع عدم إثبات ذلك لم يحرز موضوع الطهارة ، مع أنه لابد منه (١) فان تعليق الحكم على أمر وجودي يقتضي إحراز
__________________
١ ـ أقول : مفهوم « إذا بلغ » ـ الذي هو المدرك لتنجس القليل ـ اعتبار ورود الملاقاة على ما لايكون كرا في التنجيس المستتبع لسبق عدم الكرية للملاقات ، بملاحظة موضوعية عدم الكرية للملاقات في التنجيس أيضا ، فالمعنى « إذا لم يكن فينجسه الشيء بالملاقات مع عدم الكرية » لا أن المفهوم « إذا لم يكن كرا فينجسه بعدم الملاقاة في ظرف الكرية » وحينئذ فلا شبهة في أن استصحاب عدم الملاقاة إلى زمان الكرية وإن لم يثبت الملاقاة في ظرف الكرية ، إلا أنه ينفي موضوع النجاسة : من الملاقاة في ظرف عدم الكرية. وأما ما ذكره المقرر إنما يصح لو كان التنجيس مترتبا على عدم الملاقاة في ظرف الكرية لا مترتبا على الملاقاة في ظرف عدم الكرية. ولقد عرفت : أن مقتضى المفهوم هو الثاني لا الأول.
وعمدة النكتة في ذلك : هو أن من شأن أخذ المفهوم في القضية الشرطية تجريد الجزاء عن حيث إضافته إلى الشرط والاخذ بنقيضه في طرف المفهوم ، ولازمه حفظ نقيض الجزاء بجميع شؤونه في طرف المفهوم ، وحينئذ فمن المعلوم : أن نقيض الجزاء « ينجسه » ومن البديهي : أن تجريد هذا الجزاء عن إضافته إلى الشرط في المنطوق يقتضي أيضا تجريد الملاقاة المأخوذ في هذا الجزاء ، لأنه من شؤونه ، ولازمه حينئذ كون المفهوم ما ذكر ، لا ما توهم ، فتدبر فيما قلت وقال بعين الانصاف! إذ صحة ما قال مبني على عدم تجريد الملاقاة عن الإضافة بالكرية ، وهو مستلزم لعدم أخذ المفهوم من القضية رأسا ، وهو كما ترى! وإلا فلو قلنا [ بأن هنا ] حكمان : أحدهما عدم المنجسية بالملاقات في ظرف الكرية ، والآخر تنجسه بالملاقات في ظرف عدم الكرية ، فما لا يجدي فيه الاستصحاب هو الحكم الأول ، وأما الحكم