موضوعا لاكرام واحد مستمر ، بل العموم الزماني إنما أخذ على نحو العام الأصولي ، من غير فرق بين الألفاظ الدالة على العموم الزماني ، فسواء قال : « أكرم العلماء في كل يوم » أو قال : « أكرم العلماء مستمرا » يكون كل يوم أو كل زمان موضوعا مستقلا لوجوب الاكرام ، فيتعدد الحكم والمتعلق حسب تعدد الأيام والأزمنة.
فلو شك في وجوب الاكرام في بعض الأيام والأزمنة لا يمكن استصحاب حكم اليوم والزمان السابق (١) لارتفاع ذلك الحكم بمضي اليوم السابق وتصرم الزمان الماضي ، فلا يمكن الحكم ببقائه في اليوم الثاني والزمان اللاحق إلا بالرجوع إلى ما يدل على العموم الزماني : من الدليل الاجتهادي ، ولا يصح الرجوع إلى الاستصحاب ، لأنه يلزم تسرية حكم من موضوع إلى موضوع آخر ، فاستصحاب الحكم فيما كان المتعلق مصب العموم الزماني ساقط من أصله ولا مجال لجريانه.
بل لو فرض أنه لم يكن للدليل الاجتهادي عموم بالنسبة إلى جميع الأيام والأزمنة كان المرجع في زمان الشك هو سائر الأصول العملية : من البراءة والاشتغال ، لا استصحاب حكم العام ، من غير فرق بين الشك في أصل التخصيص أو في مقداره ، كما إذا علم بخروج بعض الأزمنة وشك في خروج الزائد ، ففيما عدا القدر المتيقن من التخصيص يرجع إلى ما دل على العموم الزماني لو كان ، وإلا فإلى البراءة والاشتغال ، ولا يجري استصحاب حكم الخاص. فلو علم بعدم وجوب إكرام زيد في يوم الجمعة وخروجه عن عموم
__________________
١ ـ أقول : ما أفيد في فرض التقيد بالزمان في غاية المتانة. ولكن يمكن دعوى ان غالب ما توهم فيها عموم الأزمان كونها من قبيل الطبيعة السارية في ضمن القطعات المستمرة في الزمان ، على وجه يكون الزمان مبينا لأمد استمراره ، فهنا لا قصور في استصحابه لولا عمومها زمانا ، وإن كان الحكم فيها انحلاليا ، كما لا يخفى.