التخصيص والرجوع إلى استصحاب حكم الخاص عند الشك في مقداره ، بل لو لم نقل بحجية الاستصحاب كان المرجع سائر الأصول العملية ، لا عموم العام.
والحاصل : أن محل الكلام إنما هو فيما إذا كان عام أفرادي يستتبع عموم زماني ، فالعموم الزماني إنما يكون في طول العموم الافرادي ومتأخر عنه رتبة ، سواء كان مصب العموم الزماني نفس الحكم الشرعي أو متعلقه.
غايته أنه لو كان مصب العموم متعلق الحكم كان الحكم واردا على العموم الزماني كوروده على المتعلق ، فيكون تحت دائرة الحكم ، ولأجل ذلك صح أن يكون نفس دليل الحكم متكفلا لبيان العموم الزماني كتكفله لبيان العموم الافرادي ، فعند الشك في التخصيص أو في مقداره يتمسك بعموم الدليل.
وأما لو كان مصب العموم نفس الحكم كان العموم الزماني واردا على الحكم وواقعا فوق دائرة الحكم ، ولأجل ذلك لا يصح أن يكون دليل الحكم متكفلا لبيان العموم الزماني ، بل لابد من التماس دليل آخر يدل على عموم أزمنة وجود الحكم ، فعند الشك في التخصيص أو في مقداره لا يجوز التمسك بما دل على العموم الزماني ، لان الدليل إنما كان متكفلا لعموم أزمنة وجود الحكم ، فلا يتكفل أصل وجود الحكم.
والشك في التخصيص الزماني يستتبع الشك في وجود الحكم ، فلا يصح التمسك بعموم ما دل على العموم الزماني (١) ففي مثل قوله تعالى : « أوفوا
__________________
١ ـ أقول : إذا كان مصب العموم الزماني في نفس الحكم ، فلا شبهة في أن مرجع ذلك إلى أخذ العموم قيدا للحكم ، ولازمه كون الحكم الذي هو مركز هذا القيد مهملة عارية عنه ، كما هو الشأن في رجوع كل قيد إلى المقيد ، إذ لا محيص من أخذ القيد مهملا بالنسبة إلى هذا القيد ، كما هو الشأن أيضا في كل موضوع إلى محموله ، وحينئذ الاستمرار والدوام من عوارض الطبيعة المهملة التي يطرء عليه العموم