بالعقود » لو كان مصب العموم الزماني نفس لزوم العقد ووجوب الوفاء به كان مفاده ـ بضميمة دليل الحكمة التي اقتضت العموم الزماني ـ قضيتين شرعيتين : الأولى وجوب الوفاء بكل عقد من أفراد العقود ، وهذا هو المدلول المطابقي لقوله تعالى : « أوفوا بالعقود ». الثانية استمرار وجوب الوفاء بكل عقد في جميع الأزمنة. وهذه القضية الثانية هي التي تكفل لبيانها دليل الحكمة ، وواضح : أن القضية الثانية متفرعة على القضية الأولى محمولا وموضوعا ، فهي مشروطة بوجودها.
فلو شك في وجوب الوفاء بعقد من العقود في زمان فلا يمكن التمسك بعموم ما دل على استمرار وجوب الوفاء في كل زمان ، لأن المفروض : الشك في وجوب الوفاء بالعقد في الزمان الخاص ، فيشك في موضوع ما دل على العموم الزماني فلا يصح الرجوع إليه ، لأنه لا يمكن إثبات الموضوع بالحكم ، بل لا محيص من استصحاب بقاء وجوب الوفاء به الثابت قبل زمان الشك. هذا إذا شك في أصل التخصيص. ولو شك في مقداره ، كالمعاملة الغبنية
__________________
زمان ، بل مرجعه إلى فقدان الفرد المزبور للحكم إلى الأبد ، لان مرجع تخصيص الفرد إلى عدم ثبوت الطبيعة لهذا الفرد وخروج الفرد المزبور عن مصب الحكم للتالي ، فالتخصيص بحسب الأزمان على وجه يصلح للتفكيك بين الأزمان في حكم الفرد المزبور فرع دخول الفرد في العموم الافرادي ، فمثل هذا التخصيص كتعميمه أيضا تبع عمومه أفرادا ، وحينئذ إذا خرج فرد من الخطاب ويحتمل خروجه للتالي أو في زمان خاص ، فلا شبهة في عدم العموم الأزماني بدوا ، واما عمومه الافرادي بالنسبة إلى ثبوت الحكم في الجملة محكم ، فإذا ثبت هذا المقدار بالعموم الافرادي فيرجع إلى العموم الأزماني لاثبات بقية الأزمنة ، وحينئذ كيف ينتهي الامر فيه إلى الاستصحاب؟ وإلى ذلك نظر من أنكر على الشيخ في مصيره في مثل « أوفوا بالعقود » إلى الاستصحاب عند الشك في خروج الفرد في زمان مع احتمال وجود الحكم فيه في زمان آخر. نعم لا يجري إلى العموم زمانا لو كانت القضية متكفلة لاثبات الحكم الشخصي المستمر مع فرض ظرفية الزمان ، وذلك أيضا في صورة تقطيع الحكم وسطا ، لا أولا ولا آخرا ، كما أفاده العلامة الأستاذ. وما أفيد في شرح كلام الشيخ ليس بيانا جديدا ، كما لا يخفى.