تأسيس الأصل عند الشك في مصب العموم ، فنقول :
إنه تارة : يشك في أصل العموم الزماني للحكم أو المتعلق وعدمه ، وفرض حصول الشك في العموم الزماني إنما هو فيما إذا لم يلزم لغوية تشريع الحكم مع عدم العموم الزماني بأحد الوجهين ، وإلا فلا يمكن حصول الشك فيه ، كما لا يخفى.
وأخرى : يعلم بالعموم الزماني ويشك في مصبه.
فان كان الشك في أصل العموم الزماني فلا إشكال في أن الأصل يقتضي عدمه (١) لان أخذ العموم الزماني قيدا للحكم أو للمتعلق يتوقف على لحاظه ثبوتا وبيانه إثباتا ، فلو قال : « أكرم العلماء » وشك في استمرار الوجوب في جميع الأيام أو شك في كون الاكرام في جميع الأيام واجبا ، ففي ما عدا اليوم الأول لا يجب الاكرام ، لأصالة البراءة عنه ، وذلك واضح.
وان كان الشك في مصب العموم الزماني بعد العلم به فلا إشكال أيضا في أن الأصل اللفظي يقتضي عدم كون المتعلق مصب العموم الزماني ، فان الشك في ذلك يرجع إلى الشك في تقييد المتعلق بقيد زائد ، وأصالة الاطلاق تقتضي عدم التقييد ، وليس العموم الزماني من القيود التي لا يمكن أخذه في
__________________
١ ـ أقول : في فرض الشك المزبور ، تارة : يقطع وجوب الاكرام في خصوص اليوم الأول وكان الشك في تعميم الخطاب حكما أم موضوعا في الزائد ، وأخرى : لا يعلم وجوب اليوم أيضا بخصوصه ، وحينئذ ، فتارة : يتم البيان ولو بمقدمات الحكمة لاثبات الوجوب لصرف الطبيعة الجامعة بين أفراد الأيام وإنما الشك في وجوب كل فرد بحسب الأزمنة ، وأخرى : لا يتم البيان بالنسبة إلى صرف الطبيعة أيضا ، وحينئذ فما أفيد : من ثبوت الوجوب في اليوم الأول ، إنما يتم على الفرض الأول ، وهو أيضا يحتاج إلى دليل بالخصوص ، وإلا فصرف الخطاب باكرام العلماء لا يقتضي إلا وجوب كل فرد في الجملة. واما بقية الفروض لا يقتضي الخطاب وجوب خصوص اليوم الأول ، بل على الفرض الثاني لا يجب إلا صرف الجامع بين الافراد التدريجية ، وفي الثالث ينتهي الامر إلى العلم الاجمالي في الأيام التدريجية فيجب عقلا إكرامه في جميع الأيام ما لم ينته على غير المحصور ، كما لا يخفى.