ففي باب الصلاة أيضا يمكن أن يكون مصب العموم الزمني نفس الحكم ، ويمكن أن يكون المتعلق.
وتظهر الثمرة بين الوجهين : فيما إذا خرج المقيم عن بلد الإقامة من دون أن يعزم على إنشاء سفر جديد وقلنا : بأن الإقامة قاطعة للسفر حكما لا موضوعا ، فإنه لو كان العموم الزماني ظرفا للحكم وكان وجوب القصر على المسافر مستمرا إلى أن ينقطع سفره ، فعند الشك في وجوب القصر أو التمام في مدة خروجه عن بلد الإقامة قبل إنشاء سفر جديد يرجع إلى استصحاب وجوب التمام الذي كان ثابتا في حال الإقامة قبل الخروج عن بلدها. ولو كان العموم الزماني ظرفا للمتعلق وكان القصر في كل صلاة رباعية في جميع أزمنة السفر واجبا ، ففي المثال يرجع إلى العموم ويجب عليه القصر ، فان المقدار المتيقن في تخصيص العموم هو ما دام كونه في بلد الإقامة ، فإذا خرج عن بلد الإقامة يجب عليه القصر (١).
نعم : لو قلنا : بأن الإقامة قاطعة للسفر موضوعا ـ كما هو أقوى الوجهين فيها ـ فالواجب هو التمام ما لم ينشأ سفرا جديدا ، سواء كان الزمان ظرفا للحكم أو للمتعلق ، وذلك واضح.
وكذا الكلام فيمن رجع عن قصد المعصية في أثناء السفر ولم يكن الباقي قدر المسافة ، ففي وجوب القصر أو التمام عليه وجهان : مبنيان على أن أزمنة السفر اخذت ظرفا للحكم أو للمتعلق ، فعلى الأول ، يجب عليه التمام ، لاستصحاب حكم الزمان الذي كان قاصدا فيه المعصية. وعلى الثاني : يجب عليه القصر ، لعموم ما دل على وجوب القصر في كل صلاة ما دام في السفر ، والقدر المتيقن خروجه عن العموم هو ما دام كونه قاصدا للمعصية. والمسألة
__________________
١ ـ أقول : بعدما عرفت من بطلان المبنى ، لا مجال للتكلم في أمثال هذه الفروع. وربما نوفق لتوضيح الكلام في باب الإقامة والرجوع عن المعصية بأحسن من ذلك.