فان كان الشك في المحمول المترتب مسببا عن الشك في الموضوع فلا إشكال في أن جريان الأصل في الموضوع يغني عن جريانه في المحمول المترتب ، لأنه رافع لموضوعه إذا كان الشك في المحمول المترتب مسببا عن الشك في بقاء الموضوع بعد العلم بحقيقته بحدوده وقيوده بحيث كان الشك متمحضا في بقاء الموضوع.
وأما لو كان الشك في المحمول مسببا عن الشك في حقيقة الموضوع ـ لتردده بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، كما إذا شك في أن موضوع النجاسة ومعروضها هو ذات الكلب بما له من المادة الهيولائية المحفوظة في جميع التبدلات والانقلابات حتى في حال انقلابه ملحا ، أو أن موضوع النجاسة هو الكلب بصورته النوعية الزائلة عند انقلابه ملحا ـ فلا يجري الاستصحاب ، لا في ناحية الموضوع ، ولا في ناحية المحمول إذا صار الكلب ملحا (١).
أما في ناحية المحمول : فللشك في موضوعه ، لاحتمال أن يكون موضوع النجاسة هو الكلب بصورته النوعية.
وأما في ناحية الموضوع : فلان الموجود في الحال يباين الموجود سابقا ، لان تمايز الأشياء إنما يكون بالصور النوعية ، والملح يباين الكلب بما له من الصورة النوعية ، فالمتيقن السابق انعدم قطعا بانقلاب الكلب ملحا ، والموجود في الحال لم يكن موجودا سابقا ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، بل الاستصحاب في المقام يكون أسوء حالا من استصحاب بقاء المعلوم بالاجمال عند خروج بعض أطرافه عن مورد الابتلاء بتلف أو امتثال أو نحو ذلك ، وقد تقدم في بعض مباحث الأقل والأكثر عدم جريان الاستصحاب فيه. هذا إذا أريد استصحاب ذات الموضوع.
__________________
١ ـ أقول : والأولى ان يقال : إنه بناء عليه يرجع استصحاب الموضوع إلى استصحاب الشخص المردد بنحو الاجمال بين الباقي والزائل.