وإن أريد استصحاب الموضوع بوصف كونه موضوعا للنجاسة فهو يرجع إلى استصحاب النجاسة ، وقد عرفت : أنه لا يجري ، للشك في موضوعها.
فتحصل : أن الشك في المحمول المترتب إن كان مسببا عن الشك في بقاء الموضوع بعد العلم به فجريان الأصل في ناحية الموضوع يغني عن جريانه في ناحية المحمول إذا كان الأصل السببي واجدا للشرائط المعتبرة في الشك السببي والمسببي ، على ما تقدمت الإشارة إليه.
وإن كان الشك في المحمول المترتب مسببا عن الشك فيما هو الموضوع فالاستصحاب لا يجري ، لا في ناحية الموضوع ولا في ناحية المحمول. هذا كله إذا كان الشك في المحمول مسببا عن الشك في الموضوع. وإن كان كل من الموضوع والمحمول متعلقا للشك في عرض واحد ، فتارة : يكون الموضوع مما يتوقف عليه وجود المحمول عقلا ، كتوقف العدالة على الحياة. وأخرى : مما يتوقف عليه شرعا ، كتوقف الكرية العاصمة على إطلاق الماء ، فان الكرية لا تتوقف على كون الماء مطلقا ، لتحقق الكرية مع إضافة الماء ، إلا أن الشارع اعتبر في الكرية إطلاق الماء ، فيكون دخل الاطلاق في الكرية شرعيا (١) بخلاف دخل الحياة في العدالة فإنه عقلي.
فان كان التوقف شرعيا : يجري الاستصحاب في كل من الموقوف والموقوف عليه ، ويثبت بالاستصحابين الأحكام الشرعية المترتبة على وجود المستصحبين ،
__________________
١ ـ أقول : في المثال عصمة الماء يتوقف على القيدين شرعا بلا قيام أحد القيدين بالآخر. نعم : في المثال الثاني يكون العدالة متقوما بالحياة وقائما بالوجود ، فمع الشك في الحياة لا مجال لاستصحاب العدالة ، لما تقدم من البرهان ، والعدالة على تقدير الحياة الحقيقي أيضا غير مثمر في ترتيب الأثر ، لعدم ترتب الأثر إلا على العدالة الفعلية ، واستصحاب الحياة أيضا لا يفي لاثبات التقدير كما لا يفي لاثبات اثر العدالة الفعلية ، لكونه مثبتا ، كما لا يخفى ، فتدبر. وحينئذ فما أفيد في مثله : من إحراز القيدين بالاستصحاب غير صحيح ، خصوصا بملاحظة ما أفيد : من أن القيدين عرضان لمحل واحد ، فتدبر.