بل لابد وأن يحصل فيها تغير واختلاف يوجب الشك في بقائها ، وعلى هذا يشكل إحراز اتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة في كثير من الموارد (١) ولذلك اشتهر بين المتأخرين : « ان الموضوع في باب الاستصحاب إنما يؤخذ من العرف لا من العقل ولا من دليل الحكم » وتوضيح البحث في ذلك يستدعي تقديم أمور :
الأول : محل الكلام والاشكال إنما هو في الاستصحابات الحكمية ، وأما الاستصحابات الموضوعية : فالغالب فيها اتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة موضوعا ومحمولا ، ولا يتفاوت الحال فيها بين أخذ الموضوع من العرف أو العقل أو الدليل ، ففي مثل استصحاب حياة زيد أو قيام عمرو تكون القضية المشكوكة عين القضية المتيقنة عقلا وعرفا ودليلا ، فلا يختلف العرف والعقل فيها.
نعم : قد يتفق في بعض الاستصحابات الموضوعية اختلاف العرف والعقل في اتحاد القضيتين ، كما في استصحاب كرية الماء إذا نقص منه مقدار يشك في بقائه على الكرية ، وكما في استصحاب الزمان والزماني المبني على التقضي والتصرم ، فان القضية المشكوكة تباين القضية المتيقنة عقلا ولا تباينها عرفا ، بالبيان المتقدم في استصحاب الليل والنهار.
وهذا بخلاف الاستصحابات الحكمية ، فان الغالب فيها اختلاف القضيتين (٢) لأن الشك في بقاء الحكم مع بقاء الموضوع على ما كان عليه من الخصوصيات
__________________
١ ـ أقول : في كل مورد يكون الشك في بقاء المحمول من جهة الشك في علته الخارجة عن موضوعه ومعروضه لا يضر ذلك بالشك في بقاء ما تيقن حقيقته موضوعا ومحمولا ، بل القضية المشكوكة حينئذ عين القضية المتيقنة ، فتدبر.
٢ ـ أقول : تنقيح المقام وتوضيح المرام يقتضي ان يقال أولا : انه لا اشكال في أن كل عنوان إذا أحرز مفهومه ومعناه بالرجوع إلى العرف في شرح لفظه ، فلا شبهة في أنه يحكي عن حقيقته ، من دون