الشئ مصداقا للمفهوم في مقام ترتيب الآثار.
إذا تمهد ذلك فنقول : قد يستشكل فيما أفاده الشيخ قدسسره من الترديد بين أخذ الموضوع من العقل أو العرف أو الدليل.
أما أولا : فبأن الرجوع إلى العقل إنما يستقيم في المستقلات العقلية ، وأما الموضوعات الشرعية : فليس للعقل إليها سبيل (١) فان مناطات الأحكام الشرعية ليست بيد العقل ، فلا معنى للرجوع إلى العقل في موضوعات الأحكام الشرعية المستكشفة من الطرق السمعية.
وأما ثانيا : فبأنه لا وجه للمقابلة بين ما اخذ في الدليل موضوعا وبين ما يراه العرف موضوعا ، فان العرف ليس مشرعا يجعل موضوعا في مقابل موضوع الدليل. وإن أريد من الرجوع إلى العرف الرجوع إليه في معرفة معنى موضوع الدليل وتشخيص مفهومه ، فهو صحيح ، إلا أنه لا يختص بالمقام ، بل تشخيص معنى اللفظ ومفهومه إنما يرجع فيه إلى العرف مطلقا ، فلا معنى لجعل الموضوع العرفي مقابلا لموضوع الدليل في خصوص باب الاستصحاب. وإن أريد من الموضوع العرفي ما يتسامح فيه العرف ويراه من مصاديق موضوع الدليل مع أنه ليس منها حقيقة ، فقد عرفت : أنه لا عبرة بالمسامحات العرفية.
هذا ، ولكن الانصاف : أنه لا وقع لهذا الاشكال ، فان الترديد بين العقل والدليل والعرف إنما يكون بلحاظ مقام بقاء الموضوع واتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة ، لا بلحاظ مقام تعيين أصل الموضوع ، حتى يقال : إن تعيين الموضوع إنما يكون بيد الشرع وليس للعقل والعرف إلى ذلك سبيل ، فان ذلك مما لا ينبغي توهمه في المقام ، بل المقصود هو أنه هل يعتبر في اتحاد القضيتين أن يكون المشكوك فيه عين المتيقن عقلا مطلقا؟ أو أنه يكفي في الاتحاد العينية
__________________
١ ـ أقول : هذا الكلام أيضا أجنبي عن المقصود بعد التأمل فيما ذكرناه مفصلا.