العلل والوسائط الثبوتية ، كقوله : « لا يجب الوفاء بالعقد الضرري » فإنه يشك في أن عنوان « الضرر » من المقومات حتى لا يجب الوفاء بالعقد عند ارتفاع الضرر بالتمكن من فسخ العقد آنا ما ـ وإن لم يفسخ ـ فيكون الخيار على الفور ، أو أنه علة لعدم وجوب الوفاء بالعقد ، فلا يرتفع جواز العقد بالتمكن من الفسخ ، فيكون الخيار على التراخي.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم : أنه يعتبر في جريان الاستصحاب صدق نقض اليقين بالشك عرفا عند عدم ترتيب آثار المتيقن على المشكوك ، وصدق ذلك يتوقف على أن يكون العنوان بنظر العرف علة لثبوت الحكم ـ لا مقوما للموضوع ـ ليكون المشكوك فيه عين المتيقن عرفا ، فإنه لو كان العنوان مقوما للموضوع كان المشكوك فيه مباينا للمتيقن ، فيكون من نقض اليقين باليقين لا من نقض اليقين بالشك ـ فلا يجري فيه الاستصحاب. وكذا لو شك في كون العنوان مقوما للموضوع أو علة لثبوت الحكم ، فإنه لا يجري الاستصحاب أيضا ، للشك في صدق النقض وعدمه ، فيكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فالاستصحاب إنما يجري في مورد علم من مناسبة الحكم والموضوع كون العنوان من العلل والوسائط الثبوتية.
وتوهم : أنه مع العلم بكون العنوان علة للحكم لا نحتاج إلى الاستصحاب لبقاء الموضوع فيكفي نفس دليل الحكم في إثباته عند ارتفاع العنوان ، فاسد فان مجرد كونه من العلل لا يكفي في بقاء الحكم بعد زواله ، لاحتمال أن يكون العنوان علة حدوثا وبقاء ، فيرتفع الحكم بارتفاع علته ، ولا دافع لهذا الاحتمال إلا التمسك بالاستصحاب.
وبالجملة : ثبوت الحكم عند انتفاء ما اخذ في الدليل عنوانا للموضوع يتوقف على أمرين ـ أحدهما : كون العنوان من علل ثبوت الحكم لا من قيود موضوعه ، ثانيهما : كون علة لحدوث الحكم من دون أن يكون بقائه علة لبقاء