موضوعا فيه ، ومتعلق الشك هو الاحكام الواقعية وموضوعاتها ، فلابد من أن يتعلق العلم بها ، والعلم بحجية الامارة أجنبي عن العلم بالحكم الواقعي. هذا ، مع أن العلم بالحجية لا يختص بباب الامارات ، بل الأصول أيضا كذلك ، للعلم بحجيتها ، فان أدلة اعتبارها لا تقصر عن أدلة اعتبار الامارات.
وبالجملة : تشترك الأصول مع الامارات في العلم بحجيتها ، وتشترك الامارات مع الأصول في عدم العلم بالمؤدى ، فدعوى : أن الوجه في ورود الامارات على الأصول كون المراد من الغاية الأعم من الحكم الواقعي والظاهري ، ضعيفة جدا.
الوجه الثالث ـ دعوى : أن المراد من الغاية مطلق الاحراز ، لا خصوص العلم الوجداني (١) فيكون معنى قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك بل تنقضه بيقين آخر » هو أن الاحراز لا ينقض بالشك ، بل لابد من نقضه باحراز آخر يخالف الاحراز السابق.
ويمكن تقريب هذا الوجه بما تقدم في بيان قيام الطرق والامارات والأصول المحرزة مقام القطع الذي اخذ في الموضوع على وجه الطريقية.
وحاصله : أن ظاهر الدليل وإن كان يعطى اعتبار خصوص الكشف الوجداني والاحراز التام الحقيقي ، إلا أنه لما كان اعتبار القطع من حيث
__________________
١ ـ أقول : وهنا وجه رابع إليه نظر استاذنا في كفايته ، وهو ان موضوع الأصل هو الشك بالحكم باي عنوان طار على العمل زائدا على حيث الشك بحكمه ، وحينئذ مفاد دليل الامارة يثبت الحكم لعنوان « ما أخبر به العادل » أو « قامت البينة عليه » أو غيرها ، فعند قيامها على مورد لا يبقى مجال الشك بالحكم المخالف بأي عنوان ، بل نقطع بالحكم بعنوان اخر. وبهذه العناية والمناط يقدم الامارة على الأصول حتى الاستصحاب ، كما أنه بهذا المناط يقدم الاستصحاب على سائر لأصول من جهة اليقين بالحكم بعنوان نقض اليقين بالشك ، فالمورود بقول مطلق هو الأصل الذي يثبت الحكم لصرف الشك أو عدم العلم بلا عنوان آخر في البين.
ولكن لقد أجاد فيما أفاد : من عدم تمامية تقريب الورود بوجه من الوجوه المزبورة ، كما لا يخفى.