عنه (١) ولا يكفي مجرد إمكان طرو ما يقبل معه النقل والانتقال.
وبعبارة أخرى : اليد إنما تكون أمارة على أن المال انتقال من مالكه الأول إلى ذي اليد بأحد أسباب النقل والانتقال على سبيل الاجمال بلا تعيين سبب خاص ، وذلك إنما يكون بعد الفراغ عن أن المال قابل للنقل والانتقال ، والوقف ليس كذلك ، فان الانتقال فيه إنما يكون بعد طرو ما يوجب قابلية النقل فيه : من عروض أحد مسوغات بيع الوقف ، ففي الوقف لابد من عروض المجوز للبيع أولا ثم ينقل إلى الغير ، وأمارية اليد إنما تتكفل الجهة الثانية وهي النقل إلى ذي اليد ، وأما الجهة الأولى : فلا تتكفل لاثباتها اليد ، بل لابد من إثباتها بطريق آخر ، بل الجهة الأولى تكون بمنزلة الموضوع للجهة الثانية ، فاستصحاب عدم طرو ما يجوز معه بيع الوقف يقتضي سقوط اليد ، فإنه بمدلوله المطابقي يرفع موضوع اليد ، فهو كاستصحاب حال اليد.
وتوهم : أن اليد وإن كانت أمارة على النقل إلى ذي اليد ، إلا أن لازم ذلك طرو ما يسوغ النقل إليه ، وشأن الامارة إثبات اللوازم والملزومات ، فاليد كما تثبت النقل تثبت طرو المجوز للنقل أيضا
فاسد ، لما عرفت : من أن قابلية المال للنقل والانتقال تكون بمنزلة الموضوع
__________________
١ ـ أقول : لا مجال لجعل حجية اليد منوطة بالقابلية الواقعية ، وإلا يلزم عدم الاعتناء باليد بمحض الشك في الجزئية أيضا إذا شك في قابلية المحل واقعا ، ومجرد عدم العلم بعدم القابلية فيه لا يجدي في حجية اليد على هذا المبنى ، إذ مجرد الشك في القابلية الواقعية يكفي في الشك في حجيته ، لأن الشك في الشرط شك في المشروط ، فلا محيص حينئذ من إناطة حجيتها على الشك في القابلية ، بل وعلى عدم العلم بها بإناطة شرعية ، إذ حينئذ صح حكومة الاستصحاب على دليل حجية اليد ، بناء على المختار : من إمكان أمارية الشيء بالنسبة إلى الملزوم دون اللازم أو العكس ، وإلا فعلى مسلك المقرر في باب حجية مثبتات الامارة لا محيص في المقام من المعارضة بين اليد والأصل المزبور ، لان كل واحد يرفع موضوع الآخر ، كما لا يخفى ، وهو كما ترى يكشف عن فساد المسلك في وجه حجية مثبتات الامارة ، فراجع وتدبر.