أخرى عدم اعتبار الدخول في الغير ـ كموثقة ابن بكير ـ فيدور الامر بين حمل المطلق على المقيد وبين الاخذ بالاطلاق وحمل التقييد على الغالب ، لان الغالب حصول الشك بعد الدخول في الغير ، فلا يكون للتقيد ظهور في كونه للاحتراز ، نظير قوله تعالى : « وربائبكم اللاتي في حجوركم ».
وقد يناقش في إطلاق المطلق بدعوى انصرافه إلى الغالب ، فإنه بعد تسليم كون الغالب حصول الشك بعد الدخول في الغير ينصرف المطلق إلى ما هو الغالب ، فيدور الامر بين الوجهين : حمل التقييد على الغالب فيخرج عن كونه للاحتراز ، أو حمل المطلق على الغالب فيلغو الاطلاق. هذا ، ويمكن الخدشة في كلام الوجهين.
أما في الوجه الأول : فبأن مجرد غلبة القيد لا يوجب رفع اليد عن ظهوره في كونه للتقييد ، فان الأصل في التقييد أن يكون للاحتراز ، إلا إذا علم من الدليل أو من الخارج ورود القيد مورد الغالب ، بحيث كان ذكره لمجرد الغلبة لا للاحتراز به ، كما في الآية المباركة.
وأما في الوجه الثاني : فبأن مجرد كون الغالب حصول الشك بعد الدخول في الغير لا يوجب انصراف المطلق إلى الغالب ، فإنه لا عبرة بغلبة الوجود ما لم تقتض صرف ظهور اللفظ ـ كما بيناه في محله ـ فالانصاف : أن الذي يقتضيه الجمع بين الأدلة هو حمل المطلق على المقيد.
فالأولى بل الأقوى اعتبار الدخول في الغير في قاعدة الفراغ أيضا ، ولكن يكفي في الغير المعتبر فيها مطلق الغير ، بحيث يكون الشخص في حالة أخرى مغايرة لحال الاشتغال بالمركب ، كما يدل عليه قوله عليهالسلام في ذيل صحيحة زرارة : « فإذا قمت من الوضوء وفرغت عنه وقد صرت في حالة أخرى
__________________
إلى الدخول في الغير ، بل جارية حتى مع الشك في الصحة من جهة الترتيب والموالاة ، ولا مجال لجريان القاعدة الأولى بنوعيه ، كما لا يخفى : فتدبر تعرف.