مع قطع النظر عن الاجماع على أصالة الصحة في مطلق عمل الغير (١) وحيث إن أصالة الصحة في العقود من المسائل المهمة التي تعم بها البلوى خصوصا في باب الترافع والتخاصم ـ فان قطع الخصومة وتشخيص المدعي والمنكر يتوقف على تعيين مقدار سعة أصالة الصحة ليكون المنكر من وافق قوله لها ـ فينبغي بسط الكلام فيها.
فنقول : قد اختلفت كلمات الاعلام في حكومة أصالة الصحة في العقود على جميع الأصول الموضوعية المقتضية لفساد العقد ، والمتحصل من الكلمات أقوال ثلاثة :
الأول : حكومتها على كل أصل يقتضي فساد العقد ، سواء كان الأصل جاريا في شرائط العقد أو في شرائط المتعاقدين أو في شرائط العوضين ، فلو اختلف المتعاقدان في كون العقد واجدا لشرائط الصحة ـ من العربية والماضوية أو في بلوغ العاقد أو في قابلية أحد العوضين للنقل والانتقال ـ قدم قول من يدعي الصحة ، ولا تجري أصالة عدم بلوغ العاقد أو عدم كون المال قابلا للنقل والانتقال لو فرض أن في البين أصل موضوعي يقتضي عدم قابلية المال للانتقال ، فتكون أصالة الصحة حاكمة على جميع الأصول السببية والمسببية المقتضية لفساد العقد.
الثاني : حكومتها على خصوص الأصل الذي يقتضي فساد العقد من حيث الشرائط الراجعة إلى تأثيره : من العربية والماضوية ونحو ذلك. فلو كان الشك متمحضا في تأثير السبب وكونه واجدا للشرائط المعتبرة فيه كان الأصل فيه الصحة. وأما لو كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في شرائط المتعاقدين أو شرائط العوضين فلا تجري فيه أصالة الصحة.
__________________
١ ـ أقول : تكثير القواعد ليس من دأب الأساطين! بل الأستاذية في ارجاع الشتات تحت مسلك واحد!.