بصدور دات العمل ، فلو شك في أن غمس الثوب في الماء كان بعنوان التطهير أو بعنوان إزالة الوسخ منه لا تجري فيه أصالة الصحة ، فان غمس الثوب في الماء بنفسه لا يتصف بالصحة والفساد ، بل الذي يتصف بهما هو الغسل بالماء ، فلابد من إحراز كون الغمس كان بعنوان الغسل لكي يشك في صحته وفساده ، وكذا أصالة الصحة في أفعال الصلاة إنما تجري بعد إحراز كون الافعال صدرت بعناوينها التي تعلق الامر بها ، فلو شك في كون الانحناء كان بعنوان الركوع أو بعنوان قتل الحية لا تجري فيه أصالة الصحة ، فان الانحناء بنفسه لا يتصف بالصحة والفساد ، بل الذي يتصف بهما هو الركوع.
وبالجملة : يتوقف جريان أصالة الصحة على إحراز صدور العمل على الوجه والعنوان الذي يكون العمل به موضوع الأثر ومتعلق الامر ، سواء كان العنوان من العناوين التي لا تتوقف حصولها على القصد كغسل الثوب ، أو كان من العناوين القصدية كالركوع والسجود ، وكالفراغ ذمة الغير في باب النيابة ، فإنه لولا قصد النيابة في العمل لا يكاد يقع العمل عن الغير المنوب عنه ، فلابد من إحراز كون النائب قصد بالعمل عنوان النيابة لكي تجري في عمله أصالة الصحة عند الشك في صحة العمل وفساده ، ولا يمكن إثبات قصد النيابة بأصالة الصحة في العمل.
لا أقول : إن أصالة الصحة لا تثبت القصد مطلقا ، إذ رب قصد يكون شرطا شرعيا لصحة العمل ، كقصد التقرب في العبادات ، ولا إشكال في جريان الصحة عند الشك في صحة الصلاة وفسادها من جهة الشك في قصد القربة.
بل أقول : إن موضوع الصحة إذا كان العمل بما له من العنوان القصدي فأصالة الصحة في العمل المأتي به لا تثبت أن الاتيان بالعمل كان بذلك العنوان القصدي ، وذلك واضح لا ينبغي الاشكال فيه.