أحرز أن العامل قصد النيابة وتفريغ ذمة الغير بعمله ـ إما من إخباره وإما من الخارج ـ فأصالة الصحة تجري في عمله ويحكم ببراءة ذمة المنوب عنه. وإن لم يحرز أن العامل قصد النيابة في عمله فلا تجري في عمله أصالة الصحة ، لعدم إحراز العنوان المتعلق للأثر ، فلا موضوع لأصالة الصحة. هذا مضافا إلى ما في جعل باب النيابة من باب التسبيب مالا يخفى ، فتأمل جيدا.
قد تبين مما ذكرنا في « الامر الثاني » الاشكال فيما ذكره الشيخ قدسسره في « الامر الخامس » من قوله : « فلو شك في أن الشراء الصادر من الغير كان بمالا يملك ـ كالخمر ـ أو بعين من أعيان ماله فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته ، بل يحكم بصحة الشراء وعدم انتقال شيء من تركته إلى البايع ، لأصالة عدمه » انتهى.
فإنه لا تجري في المثال أصالة الصحة في الشراء ، للشك في قابلية الثمن للانتقال ، وقد عرفت : أنه مع الشك في قابلية العوضين للانتقال لا تجري أصالة الصحة ، مضافا إلى أنه لا معنى للحكم بصحة الشراء مع القول بعدم انتقال شيء من تركه المشتري إلى البايع ، فإنه إما أن نقول بانتقال المبيع من البايع إلى المشتري وإما أن لا نقول بذلك. فعلى الأول : يلزم الحكم بدخول المبيع في ملك المشتري من دون أن يدخل في ملك البايع ما يقابله من الثمن ، وهو كما ترى! وعلى الثاني : لا أثر لأصالة الصحة في شرائه ، لان كلا من الثمن والمثمن بعد باق على ملك مالكه ، فأي أثر يترتب على أصالة صحة الشراء؟ فالانصاف : أن ما أفاده الشيخ مما لا يستقيم.
نعم : لا إشكال فيما أفاده في عنوان « الامر الخامس » وحاصله يرجع إلى عدم اعتبار مثبتات أصالة الصحة ، ولا إشكال فيه بناء على كونها من الأصول