فيتعارضان.
وبالجملة : الشك في صحة العقد وفساده إنما هو باعتبار الشك في وجود قيده ، وهو بلوغ العاقد ، والشك في العقد باعتبار البلوغ عبارة أخرى عن الشك في البلوغ ، وهو المراد من قوله : « إن الشك في المقيد باعتبار القيد شك في القيد » والشك في القيد يكون مجرى لكل من الاستصحاب وأصالة الصحة في عرض واحد ، غايته أن مفاد أصالة الصحة وقوع العقد عن بالغ ومفاد الاستصحاب عدم بلوغ العاقد ، فيكون البلوغ في أصالة الصحة قيدا للمحمول وفي الاستصحاب قيدا للموضوع ، وهذا مجرى اختلاف في التعبير لا يوجب اختلاف مرتبة الأصلين ، فأصالة الصحة تثبت سببية العقد والاستصحاب يثبت عدم سببيته ، فيتعارضان.
فان قلت : الغرض من استصحاب عدم البلوغ ترتيب آثار فساد العقد وعدم انتقال المال عن مالكه ، وهذا الأثر لم يترتب على عدم بلوغ العاقد وعدم سببية العقد الواقع منه للنقل والانتقال ، بل هو من آثار عدم وجود سبب النقل والانتقال بمفاد ليس التامة ، فان عدم المعلول إنما يستند إلى عدم وجود العلة لا إلى عدم علية الموجود. والحاصل : أن الاستصحاب إنما يكون بمفاد ليس الناقصة وهو عدم سببية العقد الصادر ، والأثر الشرعي إنما يترتب على مفاد ليس التامة وهو عدم وجود سبب النقل والانتقال ، وعدم سببية العقد الصادر وإن كان يلازم عدم وجود سبب النقل ، إلا أن هذا التلازم ليس شرعيا ، بل لمكان القطع بعدم وجود سبب مقارن للعقد المشكوك كونه سببا ، واستصحاب عدم بلوغ العاقد الذي كان يقتضي عدم سببية العقد الصادر لا يثبت عدم وجود سبب النقل إلا على القول بالأصل المثبت ، فالاستصحاب لا يجري ، لأنه لا يترتب عليه الأثر المقصود في المقام ، وتبقى أصالة الصحة سليمة عن المعارض ، وهذا هو المراد من قوله قدسسره : « ويمكن أن يقال هنا : إن