أصالة عدم البلوغ » إلى قوله : « لكن يدفع هذا ».
قلت : لا يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب بنفسه موضوع الأثر الشرعي ، بل يكفي في صحة الاستصحاب كون المستصحب نقيض ما هو الموضوع للأثر ، ويترتب على الاستصحاب عدم وجود موضوع الأثر. ولا يتوقف في جريان الاستصحاب على أن يترتب على المستصحب أثر آخر ، بل نفي موضوع الأثر بنفسه من الآثار التي يكفي لحاظه في جريان الاستصحاب ، ففي المقام إنما يراد من الاستصحاب نفي موضوع الصحة ، ويثبت به نقيض ما تثبته أصالة الصحة (١).
وحاصل الكلام : أنه لا إشكال في جريان الاستصحاب إذا كان المستصحب نقيض موضوع الأثر ، كما لا إشكال في أن الموضوع إن كان بمفاد كان الناقصة فنقيضه يكون بمفاد ليس الناقصة ، وإن كان بمفاد كان التامة فنقيضه يكون بمفاد ليس التامة ، فإنه لا يعقل أن يكون نقيض مفاد كان
__________________
١ ـ أقول : ما أفيد ـ من أن الاستصحاب إذا كان مفاده نقيض موضوع الأثر يكفي هذا المقدار في جريانه بلا احتياج إلى ترتيب أثر في كبرى الدليل على هذا العنوان السلبي ـ في غاية المتانة. ولكن لنا أن نقول : إن الأثر إذا رتب على عنوان خاص كحيوة زيد ، فيكفي ذلك في استصحاب نقيضه : من عدم الحياة. وأما إذا كان الأثر مترتبا على الشيء لا بعنوانه الخاص بل بما هو مصداق الجامع وأول وجود له كما نحن فيه ـ حيث إن النقل والانتقال من آثار الجامع بين العقد الصادر وغيره وأن شخص العقد الصادر من أول مصاديق وجوده لا أن هذا الشخص بخصوصيته موضوع الأثر ـ ففي هذه الصورة في طرف الاثبات يكفي هذا الوجود في ترتبه ، ولكن في ترتب نقيض الأثر لا يكفي نقيض هذا الشخص ، بل يحتاج إلى إثبات نقيض الجامع الذي هو موضوع ، ومن المعلوم : أن الاستصحاب لا يثبت إلا نقيض هذا الشخص الذي يثبته أصالة الصحة وهو غير كاف ، لأنه ليس نقيض موضوع يثبته أصالة الصحة ، بل النقيض أصالة عدم وجود السبب رأسا ، لا عدم سببية الموجود بشخصه.
وتوهم : أنه لا بأس في نفي الجامع من نفي الشخص بالتعبد في ظرف نفي الافراد الاخر بالوجدان ، مدفوع بأن لازمه أيضا إثبات نفي الجامع في قبال استصحاب الكلي ، ولقد أوضحنا فساده في محله ، فراجع وتدبر.