الناقصة ليس التامة وبالعكس ، لان نقيض كل شيء رفعه ، ومن المعلوم : أن ما تثبته أصالة الصحة إنما هو مفاد كان الناقصة ، وهو بلوغ العاقد وسببية العقد الواقع ، ويترتب عليه أثر النقل والانتقال ، فإذا كان موضوع أثر النقل والانتقال مفاد كان الناقصة فنقيضه يكون مفاد ليس الناقصة الذي هو مؤدى الاستصحاب ، والمفروض : أنه يكفي في صحة الاستصحاب إثبات ما هو نقيض موضوع النقل والانتقال.
فدعوى : أن عدم سببية العقد الصادر ليس موضوع الأثر ولا يترتب عليه عدم النقل والانتقال ـ لان عدم المسبب يستند إلى عدم وجود السبب لا إلى عدم سببية الموجود ـ وإن كانت في محلها ولا سبيل إلى الخدشة فيها ، إلا أن عدم سببية العقد الصادر يكون نقيض ما هو الموضوع للنقل والانتقال ، وكما يصح التعبد بكون الموجود هو الموضوع للأثر كما هو مفاد أصالة الصحة ، كذلك يصح التعبد بكون الموجود نقيض موضوع الأثر كما هو مفاد الاستصحاب ، وإلى ذلك يرجع قوله قدسسره « ولكن يدفع هذا الخ ».
فان قلت : قد تقدم في الأحكام الوضعية : أن السببية لا تنالها يد الجعل وإنما المجعول الشرعي هو ترتب المسبب أو التكليف على سببه أو موضوعه ، فالاستصحاب لا يجري لنفي سببية العقد وإنما يجري لنفي الحكم الوضعي وهو النقل والانتقال ، فليس الاستصحاب في المقام إلا أصلا حكميا ، وأصالة الصحة تكون حاكمة عليه ، لأنها من الأصول الموضوعية ، كما هو مفروض الكلام.
قلت : هذا الاشكال بمثابة من الفساد! بداهة أن التعبد بوجود موضوع التكليف أو سبب الوضع بلحاظ وجود التكليف والوضع أمر بمكان من الامكان ، فإذا صح التعبد بوجود الموضوع والسبب صح التعبد بعدم الوجود أيضا ، مع أنه على هذا يلزم أن تكون أصالة الصحة أيضا من الأصول الحكمية ،