فإنه كما لا يصح التعبد بعدم سببية العقد الواقع ، كذلك لا يصح التعبد بسببية العقد الموجود ، فلا يعقل التفكيك بين مفاد الاستصحاب ومفاد أصالة الصحة ، وإلى هذا أشار بقوله : « وإن قيل » إلى قوله : « وكيف كان ».
هذا حاصل ما أفاده السيد الكبير قدسسره في كلامه المتقدم.
ومنه يظهر الاشكال فيما ذكره الشيخ قدسسره في الامر الثاني من الأمور التي عقدها في أصالة الصحة ، حيث قال ـ ردا على من قال بعدم جريان أصالة الصحة عند الشك في بلوغ الضامن أو أركان العاقد كالمحقق والعلامة قدسسرهما ـ « والأقوى بالنظر إلى الأدلة السابقة من السيرة ولزوم الاختلال هو التعميم » فراجع.
هذا ، ولكن مع ذلك كله المسألة لا تخلو عن الاشكال ، فان المدرك في أصالة الصحة في العقود ليس إلا الاجماع ، وهو لا يخلو : إما أن يكون عمليا وإما أن يكون لفظيا. فان كان عمليا : فاللازم متابعة مقدار العمل ولا محل لملاحظة النسبة بين الاستصحاب وأصالة الصحة. وإن كان لفظيا : فالمتبع ملاحظة مقدار إطلاق معقد الاجماع.
فان استفيد منه كون أصالة الصحة من الأصول الموضوعية والحكمية ـ بمعنى أنها تجري في جميع موارد الشك في الصحة والفساد سواء كان في مورد الشك أصل موضوعي يكون الشك في الصحة والفساد مسببا عنه كما إذا كان الشك في بلوغ العاقد أو وزن المبيع أو اختباره أو لم يكن في مورد الشك إلا أصالة عدم النقل والانتقال كما إذا كان الشك في شرائط صحة العقد من العربية والماضوية ونحو ذلك ـ فلا محالة تكون أصالة الصحة أخص مطلقا من الاستصحاب ، فإنه ليس في مورد من موارد أصالة الصحة إلا والاستصحاب على خلافها ، فمقتضى صناعة الاطلاق والتقييد تخصيص الاستصحاب بما عدا الشك في صحة العقد وفساده مطلقا.