صورة انسداد باب العلم ، بل المصلحة السلوكية تختص بصورة انفتاح باب العلم إن لم نقل : إنه يكفي في صحة التعبد بالامارات مصلحة التسهيل ، وإلا فنمنع عن المصلحة السلوكية حتى في صورة انفتاح باب العلم.
وعلى كل حال : السببية التي توافق مسلك المخطئة عبارة عن اشتمال الامارة على المصلحة السلوكية في صورة التمكن من إدراك الواقع وانفتاح باب العلم.
وعلى هذا تندرج الامارات المتعارضة في باب التزاحم ويكون التخيير في الاخذ بأحدها على القاعدة ، لأنه لا يتمكن المكلف من الجمع بين الامارتين المتعارضتين (١) فلا يمكنه إلا سلوك أحد الطريقين وإدراك إحدى المصلحتين ، فيكون المكلف مخيرا في سلوك أحدهما إن لم يكن لأحدهما مرجحات باب التزاحم. هذا كله في الطرق والامارات.
وأما الأصول العملية : فهي وإن لم تكن طريقا إلى الواقع لأنها ليست كاشفة عن الواقع ، إلا أنه لا يمكن القول بالسببية فيها ، لان التعبد بالأصول العملية إنما يكون في ظرف انسداد باب العلم (٢) وعدم التمكن من إدراك الواقع ، لأنها وظيفة الشاك والمتحير الذي لا تصل يده إلى الواقع ، فالتعبد بها يختص بصورة انسداد باب العلم ، ومعه لا يمكن اشتمال الأصول على المصلحة
__________________
١ ـ أقول : وسيجئ في محله ( إن شاء الله تعالى ) أن نتيجة التزاحم في باب الامارات ليس التخيير على الاطلاق.
٢ ـ لا يخفى : أن هذا البيان لا يتم في الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، فإنها تجري ولو مع التمكن من تحصيل العلم بالفحص. ولكن الذي يسهل الخطب : هو أنه لا نقول بالمصلحة السلوكية في الامارات فضلا عن الأصول ، بل سيأتي في مبحث التعادل والتراجيح الاشكال في إدراج الامارات المتعارضة في صغرى التزاحم على القول بالسببية بمعنى اشتمالها على المصلحة السلوكية. فالأقوى فيها التساقط ، إلا على القول بالسببية التصويبية ، فإذا كان هذا حال الامارات ، فما ظنك بالأصول العملية! فتأمل جيدا. ( منه ).