يندرج مورد تصادق متعلق الأمر والنهي في صغرى التعارض ـ كتعارض العامين من وجه ـ وعلى ذلك يبتني امتناع اجتماع الأمر والنهي ، فإنه على هذا يكون الامر بالصلاة والنهي عن الغصب بعينه كالأمر باكرام العالم والنهي عن إكرام الفاسق ، ولا إشكال في أنه في مورد تصادق العالم والفاسق يقع التعارض بين الدليلين ، لأنه يلزم أن يتعلق الامر بعين ما تعلق به النهي ، وقد تقدم في الجزء الثاني من الكتاب تفصيل ذلك بما لا مزيد عليه.
وأخرى : يكون التزاحم لأجل اتفاق وقوع التلازم بين متعلق الحكمين ، بمعنى أنه اتفق الملازمة بين امتثال أحد الحكمين لمخالفة الآخر ، فلو كانت الملازمة بينهما دائمية يندرجان في صغرى التعارض ، لامتناع تشريع حكمين يلزم من امتثال أحدهما مخالفة الآخر دائما (١) كما لو فرض أنه قام الدليل على وجوب استقبال القلبة وحرمة استدبار الجدي في القطر الذي تكون القبلة فيه نقطة الجنوب ـ كالعراق ـ فان الدليلين يتعارضان لا محالة ، وذلك واضح.
وثالثة : يكون التزاحم لأجل اتفاق وقوع أحد المتعلقين مقدمة لوجود الآخر ، كما لو توقف انقاذ الغريق على التصرف في أرض الغير ، فلو كان أحد المتعلقين مقدمة لوجود الآخر دائما لم يندرجا في باب التزاحم ، بل يندرجان في باب التعارض ، لامتناع تشريع الحكمين على هذا الوجه ، كما لا يخفى.
ورابعة : يكون التزاحم لأجل اتفاق وقوع المضادة بين المتعلقين ، كما لو
__________________
١ ـ أقول : لا يرى فرقا إلا في استحالة أصل التشريع في الثاني وإطلاقه في الأول ، فلازمه أيضا استحالة تشريع الحكم في خصوص مورد العجز من باب الاتفاق ، نظير عدم تشريع إطلاق الحكمين في العامين من وجه ، خصوصا مع وجود الملاك فيهما ، وهذا المقدار لا يجدي فرقا في إدخال أحدهما في باب التعارض والآخر في التزاحم. ولئن قيل : بأن الخطاب مع عدم انتهائه إلى الحكم بالامتثال دائما مستحيل ولغو بخلاف ما لو لم يكن ذلك رأسا ، ولذا نفرق في القدرة بين الصورتين. لنقول : بأن لازمه لغوية الخطاب مع ملازمته مع الجهل ، ومرجعه إلى شرطية فعلية الخطاب بالعلم به أحيانا ، وهو دور ، فتدبر.