هو لأجل حصول الظن منه ـ ولو نوعا ـ بأن ظاهره هو المراد؟ أو أن متابعة العقلاء لظهور الكلام لأجل البناء على أصالة عدم القرينة المنفصلة؟ (١) ولا محيص عن أحد الوجهين ، فإنه لا يمكن أن يكون بناء العقلاء على الاخذ بالظهور لمحض التعبد ، إذ ليس في طريقة العقلاء ما يقتضي التعبد ، فاما أن يكون الوجه في عمل العقلاء على الظهور كون الكلام كاشفا في نوعه عن المراد النفس الأمري فلا يحتاج في استخراج المراد إلى أصالة عدم القرينة المنفصلة ، وإما أن يكون الوجه فيه أصالة عدم القرينة فلا يكفي كون الكلام كاشفا في نوعه عن المراد ، بل لابد مع ذلك من إحراز عدم القرينة المنفصلة ولو بالأصل ، فيكون بناء العقلاء أولا على أصالة عدم القرينة ثم يعتمدون على أصالة الظهور ، وهذا بخلاف الوجه الأول ، فإنه ليس فيما وراء أصالة الظهور أصل آخر يعول عليه العقلاء في مقام استخراج المراد من الكلام.
والتحقيق يقتضي التفصيل بين الموارد ، فإنه في المورد الذي يتعلق الغرض باستخراج واقع مراد المتكلم وما تعلقت به الإرادة النفس الأمرية لا يكتفى بمجرد
__________________
نفس الظهور لا يبنى على الظهور ، لعدم جريان أصالة عدم القرينة ، فان أصالة عدم القرينة وإن كانت من الأصول العقلائية ، إلا أنه ليس بناء العقلاء على جريانها مع احتمال وجود القرينة احتمالا عقلائيا فتأمل ( منه ).
١ ـ أقول : هذا الكلام إنما يتم بناء على كون المراد من الظهور الذي هو موضوع هذا البحث هو الدلالة التصورية وإلا فالظهور بمعنى الدلالة التصديقية قوام نفسه بها. ثم انه على اي معنى من الظهور إنما يصح التشقيق بناء على التحقيق : من عدم حجية أصالة عدم القرينة عند الشك في قرينية الموجود ، وإلا فلا يبقى مجال لهذا التشقيق بعد عدم تعبد من العقلاء في الأصل المزبور ، بل مدار بنائهم فيه أيضا على الظن النوعي بعدمه ولو بعد الفحص ، إذ حينئذ يلازم الظهور المزبور بنفسه أو بحجيته مع أصالة عدم القرينة. وما أفاد المقرر : من بيان الثمرة أيضا ينبغي حصرها في صورة الشك في قرينية الموجود ، وإلا مجرد عقلائية احتمال وجود القرينة لا يمنع عن الأصل المبني على الظن النوعي ، وإنما يمنع عن جريان الأصل في فرض الشك في قرينية الموجود ، كما هو الشأن في الشك في حائلية الموجود مع بنائهم على أصالة عدم الحائل في موارده ، ولعل المورد أيضا من مصاديقه ، فتدبر.