الآخر عدم وجوبه أو حرمته ، ففي اندراج التعارض على هذا الوجه في صغرى التزاحم والقول بالتخيير في الاخذ بأحدهما إشكال بل منع ، لان أقصى ما تقتضيه الامارة هو أن تكون من العناوين الثانوية المغيرة لحسن الشيء وقبحه ، وتوارد العناوين الثانوية على متعلق واحد لا يقتضي التخيير ، ألا ترى؟ أنه لو نذر الشخص فعل شيء ونذر وكيله ـ بناء على صحة الوكالة في النذر ـ ترك الشيء لا يمكن القول بالتخيير في اختيار نذره أو نذر وكيله ، بحيث تلزمه الكفارة لو اختار أحدهما وخالفه ، بل لا محيص من سقوط كل من نذر نفسه ونذر وكيله ، ويرجع متعلق النذر إلى ما كان عليه قبل النذر ، فليكن حال الامارة المتعارضة في متعلق واحد بناء على القول بالسببية فيها حال النذر في التساقط. والذي يسهل الخطب بطلان أصل المبنى وفساده ، هذا إذا قلنا بالسببية التصويبية.
وإن قلنا بالسببية المخطئة : ففي اندراج الامارات المتعارضة في صغرى
__________________
الامارة تارة : قائمة بالذات مطلقا ، وأخرى : قائمة مشروطا بالأخذ بهذه الامارة. كما أن في الامارة القائمة على الإباحة تارة ، تكون الامارة موجبة لقيام مصلحة فيه مقتضية للترخيص فيه ، وأخرى : موجبة لعرائه عن كونه ذا مصلحة ، كما هو الشأن في الاباحات اللااقتضائية.
فان كانت موجبة لقيام المصلحة في المتعلق : فمع وحدة الموضوع وإطلاق المصلحة لا شبهة في تزاحم المقتضيين في أصل تشريع الحكم الفعلي على وفقه ، فمع التساوي ـ كما في المقام ـ ينتج الإباحة بمعنى التخيير بين الفعل والترك ، ومع مزية أحدهما فرضا ينشأ الحكم على وفقه ، وربما ينتهي إلى إنشاء الأحكام الخمسة. ومع تقيد المصلحة بالأخذ به في مقام العمل فلا شبهة في أن تساوي المصلحتين ـ كما هو الشأن في المقام ـ يقتضي عقلا التخيير عقلا في مقام العمل بالأخذ باي واحد منهما ، إذ لا يمكن الاخذ بكليهما. ومع تزاحم الخبرين في اقتضاء المصلحة واقتضاء عدمها ـ كما في التعارض بين الوجوب والإباحة ـ فمع إطلاقهما ينتج الإباحة اللااقتضائية ، ومع اشتراطهما بالأخذ كان أيضا مخيرا بين الاخذ بذي المصلحة فيصير واجبا وبين الاخذ بالامارة الدالة على الإباحة فيصير مباحا لا اقتضائيا في حقه ، كما لا يخفى.