التزاحم إشكال ، وإن كان يظهر من الشيخ قدسسره القول بالتزاحم فيها. وغاية ما يمكن أن يقال في توجيهه : هو أن كلا من الامارتين المتعارضتين تشتمل على مصلحة سلوكية لازمة الاستيفاء بمقتضى دليل الحجية ، فيقع التزاحم بين المصلحتين في مقام السلوك ، ولا ملازمة بين سقوط طريقية كل منهما بالنسبة إلى المؤدى وبين وقوع التزاحم بينهما بالنسبة إلى المصلحة السلوكية ، فان المفروض : أن دليل الحجية يقتضي وجوب استيفاء تلك المصلحة ، وحيث لا يمكن الجمع بينهما ، فلابد من التخيير في استيفاء إحديهما ، كما هو الشأن في جميع موارد تزاحم الحكمين.
هذا ، ولكن للنظر فيه مجال ، فان المصلحة السلوكية على القول بها إنما تكون قائمة بالطريق (١) فان سلوك الطريق ذو مصلحة ، فطريقية الطريق تكون بمنزلة الموضوع للمصلحة السلوكية ، والمفروض : سقوط طريقية المتعارضين. فلا يبقى موضوع للمصلحة السلوكية حتى يقال : بوقوع المزاحمة بين استيفاء إحدى المصلحتين ، مضافا إلى أن التزاحم إنما يكون بين الأحكام الشرعية ، ولا يكفي التزاحم بين المصلحتين ، كما تقدم.
فالانصاف : أن إدراج الامارات المتعارضة على مسلك المخطئة في صغرى
__________________
١ ـ أقول : ما المراد من الطريق؟ فان كان الغرض منه الحجة الفعلية ، فما معنى للمصلحة السلوكية الموجبة للامر بالعمل به؟ بل لابد وأن تكون المصلحة المزبورة مسبوقة بالامر به أيضا ، فلازمه مع عدم المعارضة أيضا من قيام الأمرين بالطريق ، ولا أظن أحدا يقول به.
وإن كان الغرض من الطريق مطلق الامارة ، فلا معنى للتساقط عند المعارضة ، إذ مرجع التساقط إلى عدم شمول دليل الحجية لواحد منهما بمناط الترجيح بلا مرجح. والمفروض : انه لم يكن سابقا عن المصلحة السلوكية دليل وامر. علم الله! ما أدري على اي معنى احمل هذا الكلام؟ إلا ان انسبه إلى سوء فهم المقرر!.
ثم بعد الغض عما ذكرنا نقول فيما نحن فيه أيضا : إذا كان في الوجودين المتضادين ـ كما هو مفروض الفرض السابق ـ كان من باب التضاد في الاحكام ، فتدبر.