التزاحم في غاية الاشكال. ولعل مراد الشيخ قدسسره من السببية السببية التصويبية وإن كان يبعد ذلك ـ مضافا إلى أنها خلاف مسلكه ـ تصريحه بالسببية الظاهرية ، والسببية التصويبية تكون واقعية لا ظاهرية ، فتأمل جيدا. هذا كله إذا وقع التعارض بين الطرق والامارات في الأحكام التكليفية الشرعية.
وإن وقع التعارض بينها في حقوق الناس : فقد يكون التعارض موجبا للتساقط ، كما لو تداعيا شخصان فيما يكون بيد ثالث ، وأقام كل منهما البينة ، فان البينتين يتساقطان ويقر المال في يد ذي اليد إذا ادعى الملكية. وقد لا يوجب التساقط ، بل يجب إعمال المتعارضين معا ـ ولو في بعض المدلول ـ كالمثال إذا لم يدع ذو اليد الملكية ، فإنه ينصف المال بينهما بالسوية (١).
وكذا الحكم إذا وقع التعارض بين الأسباب في الوضعيات ، فإنه تارة : يحكم فيه بتساقط السببين المتعارضين ، كما إذا عقد الوكيل والموكل في زمان واحد على مال واحد مع اختلاف المعقود له ، كما لو باع أحدهما من زيد والاخر من عمرو. واخري : يحكم فيه باعمال السببين ، كما لو وضع شخصان يدهما دفعة واحدة علي ما يكون مباحا بالاصل في مقام الحيازة ، فينصف المال بينهما بالسوية.
وقد فات مني كتابة بعض ما يتعلق بالمقام من المباحث ، لخطب نزل بي في هذه الايام ، وهو فات الوالد ( تغمدة الله بغفرانه ) وكان ذلك في شهر جمادي الاخر سنة ١٣٤٥ ، ولذلك طوينا الكلام عما افادة شيخنا الاستاذ ـ مذ ظله ـ في هذا المقام.
* * *
__________________
١ ـ أقول : على فرض عدم حجية القرعة التنصيف من جهة قاعدة أخرى ، لا الجمع بين البينتين.