على طبق مراده ، وهذا أصل عقلائي يرجع إليه عند الشك في جهة الصدور.
الرابع : كون مضمونه تمام المراد لا جزئه ، والمتكفل لاثبات ذلك أصالة عدم التقييد والتخصيص وقرينة المجاز ، ونحو ذلك من الأصول اللفظية التي عليها بناء العقلاء عند الشك في إرادة التقييد والتخصيص والحقيقة.
ولا يخفى : أن التعبد بجهة الصدور فرع التعبد بالصدور والظهور (١) كما أن التعبد بكون المضمون تمام المراد فرع التعبد بجهة الصدور ، بداهة أنه لابد من فرض صدور الخبري لبيان حكم الله الواقعي حتى يتعبد بكون مضمونه تمام المراد ، لا جزئه. نعم : ليس بين التعبد بالصدور والتعبد بالظهور ترتب وطولية ، فإنه كما لا يصح التعبد بصدور كلام غير ظاهر ، كذلك لا يصح التعبد بظهور كلام غير صادر ، فالتعبد بكل من الصدور والظهور يتوقف على الآخر ، ولذلك
__________________
١ ـ أقول : لا يخفى ان حجية الدلالة والجهة لما كانتا من لوازم كلام الامام عليهالسلام فدليل حجية السند بالنسبة إليهما بمنزلة الأصل المنقح لموضوع الأثر الواقعي ، فيكون نسبة حجية الدلالة والجهة بالنسبة إلى حجية السند بمنزلة الحكم الواقعي بالنسبة إلى الحكم الظاهري ، فهما بحسب الرتبة مقدمان على حجية السند ، كتقدم الأثر الواقعي لموضوع قامت الامارة على إثباته ظاهرا ، وحينئذ لا يكون المرجع بدوا إلا دليل التعبد بالسند ، ولا مجال للرجوع إلى التعبد بالدلالة بدونه ، ومن هذه الجهة كان المرجع عندهم بدوا دليل التعبد بالسند ، ثم بذلك يترتب على صدوره آثاره : من حجية دلالته وجهته ، لا أن وجهه تقدم حجية السند على حجية الدلالة رتبة ، كيف! والثاني بالنسبة إلى حجية السند من قبيل الحكم الواقعي المقدم رتبة على الحكم الظاهري ، فليس التعبد بالجهة فرع التعبد بالصدور ، بل وصوله إلى المكلف فرعه ، كما هو الشأن في كل حكم واقعي بالنسبة إلى حجية الامارة على موضوعه ، بل ولئن دققت النظر ترى التعبد بالسند فرع التعبد بالجهة ، لأنه ما لم يكن للكلام اثر لا معنى لوجوب ترتيب اثر صدوره ، كما لا يخفى. نعم : لا ترتيب بين التعبد بالدلالة والتعبد بالجهة ، إذ هما أثران عرضيان للكلام الواقعي ، ولكن بينهما فرق ، فان طرح الجهة يلازم غالبا طرح تمام السند ، بخلاف طرح الدلالة في مقام الجمع ، فإنه مستلزم لطرح مقدار من الدلالة ، وهو لا يستلزم طرح السند رأسا ، وهذه الجهة هو النكتة في ديدنهم على تقديم الجمع على الحمل على التقية في مقام الترجيح ، لا ان الوجه تقدم رتبة الجهة على الدلالة ، كما هو ظاهر ، فتدبر فيما ذكرنا كي ترى ما في كلماته مواقع النظر!.