فتحصل : أنه إذا توافقت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى على خلاف ما تقتضيه القاعدة وكان فيما بأيدينا من الكتب ـ ولو لم تكن من الكتب المعتبرة كدعائم الاسلام والأشعثيات والفقه الرضوي ـ رواية على فتوى المشهور ، فهذه الشهرة تكون مرجحة للرواية إذا كانت معارضة مع غيرها وجابرة لضعف سندها ولو مع عدم المعارضة.
وأما إذا خالفت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين في الفتوى ـ كما اتفق ذلك في عدة مواضع منها جواز الصلاة في السنجاب ـ فالعبرة إنما تكون بشهرة المتقدمين. ومما ذكرنا ظهر وجه الحاجة إلى تحصيل شهرة المتقدمين على الفتوى ، فتأمل جيدا.
قد ذكر الشيخ قدسسره للترجيح بمخالفة العامة وجوها أربعة. ولكن الظاهر : رجوع بعضها إلى بعض ، فان مرجع كون المخالفة للعامة من حيث نفسها مطلوبة للشارع إلى التعبد بمخالفة العامة ، فلا يكون كل منهما وجها على حدة ، مضافا إلى أنه لا ينبغي احتمال أن تكون المخالفة لهم من حيث إنها مخالفة مطلوبة ، بحيث تلاحظ المخالفة معنى اسميا فيأمر بها عنادا لهم ، فان ذلك لا يناسب مذهبنا.
بل التحقيق : أن المخالفة لوحظت معنى حرفيا للوصول إلى الحق ، لان الرشد في خلافهم ـ كما ورد التعليل به في الروايات ـ ومعنى كون الرشد في خلافهم : هو أن مؤدى الخبر المخالف لهم هو الحق المطابق للواقع ، كما يدل عليه جملة من الروايات. وأما بقية الوجوه التي ذكرها الشيخ : فالانصاف أنه لا ينبغي احتمالها في الروايات الواردة في باب الترجيح لاحد المتعارضين ، وإن كان يحتمل بعضها في بعض الروايات الواردة في غير باب الترجيح ، فراجع.