المؤدى أو تخالفا ، لان الأصل السببي رافع لموضوع الأصل المسببي ، كما يأتي بيانه
__________________
سبق علمه بمنجز آخر رتبة ، ومن المعلوم : أن إثبات هذه الجهة لا يمكن إلا بفرض كون العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي ( بالكسر ) ناشئا عن العلم بالملاقات مع طرف العلم بالنجاسة في البين ، وإلا فلو فرض العلم بنجاسة المتلاقيين من الأول من غير جهة الملاقاة ، ولو بمثل إخبار معصوم أو شيء آخر مفيد لليقين بنجاستهما ، ثم علم بأن منشأ النجاسة في الملاقي ( بالكسر ) ملاقاته مع الملاقى ( بالفتح ) فالعلم الاجمالي بنجاسة الملاقي ( بالكسر ) لا يكون مسبوقا بالعلم الآخر ، بل هما في عرض واحد ، كما لو علم بنجاسة الملاقي ( بالكسر ) مع الطرف الآخر ، ثم علم بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) من قبل العلم بملاقاته مع الآخر ، فلا محيص في مثل هذه الصورة العلم بين المسبب والطرف سابقا عن العلم بالسبب والطرف ، عكس الصورة الأولى ، ففي مثل هذا يكون التنجز منحصرا بالمسبب دون السبب ، عكس السابق.
كما أن في الصورة الثانية كان العلمان في رتبة واحدة بلا سبق لأحدهما على الآخر رتبة ، فلا موجب لتنجز الملاقى والطرف بلا تنجز الملاقي ( بالكسر ) مع كونه أيضا طرفا لهذا العلم.
وتوهم : أن مدار تأثير العلم في التنجز على سبق المعلوم ولحوقه لا على سبق العلم ، كلام ظاهري ، إذ بعد الجزم بأن التكليف ـ في أي وقت أو مرتبة كان ـ لا يعقل أن يتنجز إلا في ظرف تعلق العلم به ، بحيث يستحيل أن يؤثر العلم في تنجز المعلوم قبل تحققه ، فمن حين تحقق العلم يلاحظ بأنه إن كان العلم المزبور قام على طرفه منجز سابق أو مقارن يخرج العلم المزبور عن المنجزية ، وإلا يبقى منجزا لمعلومه ، وحينئذ إذا فرض كون العلم بالسبب ناشئا عن العلم بالمسبب ، يستحيل تأثير العلم بالسبب لسبقه بالمنجز بحسب الرتبة ، ومجرد سبق المعلوم رتبة كيف يجدي في قلب العلم أو تأثيره في التنجز في المرتبة السابقة؟.
وتوهم : أن العلم من عوارض المعلوم فمع سبق المعلوم قهرا يسبق علمه عن العلم بمسببه ، مدفوع غاية الدفع ، إذ مجرد سبق شيء في الوجود الخارجي على شيء لا يقتضي سبق علمه ، لعدم كون العلم من عوارض الوجود خارجا ، وإنما ظرف عروضه الذهن ، غاية الامر بما هو منظور خارجيا ، لا الخارج ، ومن البديهي أن السبق في الوجود لا يقتضي السبق في عالم التصور ، ولذا ربما يصير العلم بالمعلول علة للعلم بالعلة بلا انقلاب العلمين عما هما عليه من العلية والمعلولية ، وحيث كان كذلك ، فلا وقع لهذا الكلام : من أن المدار في سبق التنجز على سبق المعلوم لا العلم. والعجب من مثل هذا المقرر! حيث إنه يجري الأصل في طرف واحد بلا معارض ، ومثله لا يحتاج إلى إثبات سبق العلم بمنجز آخر ، بل يكفيه مجرد سبق المعلوم رتبة في جريان الأصل في المسبب بلا معارض ، ولا داعي له على إثبات عدم سبق لعلم بمنجز آخر أو سبقه ، كي يلتزم بمثل هذا المحذور وصدور هذه الكلمات قبال استاذنا الأعظم