وتقريب الاستدلال بها يتم من خلال الامور التالية :
أولا : انها تدل على وجوب التحذر لوجوه :
أحدها انه وقع مدخولا لأداة الترجى الدالة على المطلوبية فى مثل المقام ، ومطلوبية التحذر مساوقة لوجوبه ، لأن الحذرإن كان له مبرر فهو واجب ، وإلا لم يكن مطلوبا.
ثانيها ان التحذر وقع غاية للنفر الواجب ، وغاية الواجب واجبة.
ثالثها انه بدون افتراض وجوب التحذر يصبح الأمر بالنفر والانذار لغوا.
ثانيا : ان وجوب التحذر واجب مطلقا ، سواء أفاد الانذار العلم للسامع أو لا ، لأن الوجوه المتقدمة لافادته تقتضى ثبوته كذلك.
ثالثا : ان وجوب التحذر حتى مع عدم حصول العلم لدى السامع ، مساوق للحجية شرعا ، إذ لو لم يكن إخبار المنذر حجة رعا ، لما وجب العمل به إلا فى حال حصول العلم منه.
وقد يناقش فى الأمر الأول بوجوهه الثلاثة ، وذلك بالاعتراض على اول تلك الوجوه : بأن الأداة مفادها وقوع مدخولها موضع التوقب لا الترجى ، ولذا قد يكون مدخولها مرغوبا عنه ، كما فى قوله : « لعلك عن بابك طردتنى ».
والاعتراض على ثانى تلك الوجوه : بأن غاية الواجب ليست دائما واجبة ، وإن كانت محبوبة حتما ، ولكن ليس من الضرورى ان يتصدى المولى لايجابها ، بل قد يقتصر فى مقام الطلب على تقريب المكلف نحو الغاية ، وسد باب من ابواب عدمها ، وذلك عند وجود محذور مانع عن التكليف بها ، وسد كل ابواب عدمها ، كمحذور المشقة وغيره.