بناء على مسلك جعل الضريقية فى تفسير الحجية.
ونلاحظ على ذلك :
أولا انه اذا كان معنى الحجية جعل الامارة علما ، كان مفاد الايات النافية لحجية غير العلم نفى جعلها علما ، وهذا يعنى ان مدلولها فى عرض مدلول ما يدل على الحجية ، وكلا المدلولين موضوعها ذات الظن ، فلا معنى لحكومته المذكورة.
ثانيا ان الحاكم ان كان هو نفس البناء العقلائى ، فهذا غير معقول ، لأن الحاكم يوسع موضوع الحكم أو يضيقه فى الدليل المحكوم ، وذلك من شأن نفس جاعل الحكم المراد توسيعه ، أو تضيقه ، ولا معنى لأن يوسع العقلاء أو يضيقون حكما مجعولا من قبل غيرهم.
وإن كان الحاكم الموسع والمضيق هو الشارع بامضاءه للسيرة ، فهذا يعنى انه لابد لنا من العلم بالامضاء ، لكى نحرز الحاكم. والكلام فى انه كيف يمكن إحراز الامضاء مع وجود النواهى المكذورة الدالة على عدم حجية؟
الجواب الثانى : ما ذكره صاحب الكفاية رحمه الله (١) من أن الردع عن السيرة بتلك العمومات الناهية غير معقول ، لانه دور. وبيانه ان الردع بالعمومات عنها يتوقف على حجية تلك العمومات فى العموم ، وهذه الحجية تتوقف على عدم وجود مخصص لها ، وعدم وجود مخصص يتوقف على كونها رادعة عن السيرة ، وإلا لكانت مخصصة بالسيرة ولسقطت حجيتها فى العموم.
ـــــــــــــــ
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ص ٩٩.