السيرة ، سواء كانت سيرة اولئك المتشرعة على ما ذكرناه بوصفهم الشرعى ، أو بما هم عقلاء.
الثانى : الاستدلال بسيرة العقلاء على التعويل على اخبار الثقات ، وذلك ان شأن العقلاء سواء فى مجال اغراضهم الشخصية التكوينية ، أو فى مجال الاغراض التشريعية وعلاقات الامرين بالمأمورين العمل بخبر الثقة والاعتماد عليه. وهذا الشأن العام للعقلاء يوجب قريحة وعادة لو ترك العقلاء على سجيتهم لأعملوها فى علاقاتهم مع الشارع ، ولعولوا على اخبار الثقات فى تعيين احكامه. وفى حالة من هذا القبيل لو أن الشارع كان لا يقر حجية خبر الثقة لتعين عليه الردع عنها ، حفاطا على غرضه ، فعدم الردع حينئذ معناه التقرير ومؤداه الامضاء.
والفارق بين التقريبين ان التقريب الأول يتكفل مؤونة اثبات جرى اصحاب الأئمة فعلا على العمل بخبر الثقة ، بينما التقريب الثانى لا يدعى ذلك ، بل يكتفى باثبات الميل العقلائى العام الى العمل بخبر الثقة ، الأمر الذى يفرض على الشارع الردع عنه على فرض عدم الحجية لئلا يتسرب هذا الميل الى مجال الشرعيات.
وهناك اعتارض يواجه الاستدلال بالسيرة ، وهو ان السيرة مردوع عنها بالايات الناهية عن العمل بالظن الشاملة باطلاقها لخبر الواحد.
وتوجد عدة أجوبة على هذا الاعتراض :
الجواب الأول : ما ذكره المحقق النائينى رحمه الله (١) من أن السيرة حاكمة على تلك الايات ، لأنها تخرج خبر الثقة عن الظن ، وتجعله علما
ـــــــــــــــ
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ص ١٦١.