الأول ، فيكون التكليف بأحد الضدين بنفس ثبوته نافيا للتكليف بالضد الاخر.
وذهب المحقق النائينى رحمه الله (١) الى الثانى ، وهذا هو الصحيح. وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية :
النقطة الاولى : ان الأمرين بالضدين ليسا متضادين بلحاظ عالم المبادى. إذ لا محذور فى افتراض مصلحة ملزمة فى كل منها وشوق اكيد لهما معا ، ولا بلحاظ عالم الجعل ، كما هو واضح ، وانما ينشأ التضاد بينهما بلحاظ التنافى والتزاحم بينهما فى عالم الامتثال ، لأن كلا منهما بقدر ما يحرك نحو امتثال نفسه يبعد عن امتثال الاخر.
النقطة الثانية : ان وجوب أحد الضدين إذا كان مقيدا بعدم امتثال التكليف بالضد الاخر ، أو بالبناء على عصيانه ، فهو وجوب مشروط على هذا النحو. ويستحيل أن يكون هذا الوجوب المشروك منافيا فى فاعليته ومحركيته للتكليف بالضد الاخر ، إذ يمتنع ان يستند اليه عدم امتثال التكليف بالضد الاخر ، لأن هذا العدم مقدمة وجوب بالنسبة اليه ، وكل وجوب مروط بمقدمة وجوبية لا يمكن ان يكون محركا نحوها وداعيا إليها ، كما تقدم مبرهنا فى الحلقة السابقة (٢). وإذا امتنع استناد عدم هذا الوجوب لا يصلح للمانعية والمزاحمة فى عالم التحريك والامتثال.
النقطة الثالثة : ان التكليف بالضد الاخرإما أن يكون مشروطا بدوره أيضا بعدم امتثال هذا الوجوب المشروط ، وإما أن يكون مطلقا
ـــــــــــــــ
(١) فوائد الاصول ج ٢ : ص ٣٣٦.
(٢) راجع : ج ١ ص ٣٣٨.