قد يقال : بالاجزاء ، بدعوى الملازمة العقلية بين الأمر الظاهرى وبينه ، لأن الأمر الظاهرى فى حالات المخالفة للواقع يكشف عن وجود مصلحة فى مورده على نحو يستوفى به الملاك الواقعى الذى يفوت على المكلف بسبب التعبد بالحجة الظاهرية ، وذلك ببرهان انه لو لا افتراض ذ مصلحة من هذا القبيل ، لكان جعل الأمر الظاهرى قبيحا ، لأنه يكون مفوتا للمصلحة على المكلف وملقيا له فى المفسدة. ومع اكتشاف مصلحة من هذا القبيل ، يتعين الاجزاء ، فلا تجب الاعادة ، فضلا عن القضاء ، لحصول الملاكة الواقعى واستيفائه. والبناء على الاكتشاف المذكور يسمى بالقول بالسببية فى جعل الحجية ، بمعنى ان الامارة الحجة تكون سببا فى حدوث ملاك فى موردها.
ويرد على ذلك :
أولا : ان الاحكام الظاهرية على ما تقدم أحكام طريقية لم تنشأ من مصالح وملاكات فى متعلقاتها ، بل من نفس ملاكات الاحكام الواقعية. وقد مر دفع محذور استلزام الاحكام الظاهرية لتفويت المصلحة والالقاء فى المفسدة. ولو كانت الأحكام الظاهرية ناشئة من مصالح وملاكات على ما ادعى للزم التصويب ، إذ بعد فرض وفاء الوظيفة الظاهرية بنفس ملاك الواجب الواقعى ، يستحيل أن يبقى الوجوب الواقعى نختصا بمتعلقه الأول ، بل ينقلب لا محالة ويتعلق بالجامع بين الأمرين ، وهذا نحو من التصويب.
وثانيا : إذا سلمنا ان ما يفوت على المكلف بسبب الحجة الظاهرية من مصالح لابد ان تضمن الحجة تداركه ، إلا ان هذا لا يقتضى افتراض مصلحة إلا بقدر ما يفوت بسببها ، فاذا فرضنا انكشاف الخلاف