على شىء واحد ، فيزول الامتناع ولا ينشأ التعارض بين دليليهما. ويمكن تلخيص تلك الخصوصيات فيما يلى :
الخصوصية الاولى : أن نفترض تعلق الأمر بالطبيعة على نحو التخيير العقلى بين حصصها ، وتعلق النهى بحصة معينة من حصصها ، من قبيل ( صل ) و( لا تصل فى الحمام ) وهذا الافتراض يوجب اختلاف المتعلقين بالاطلاق والتقييد ، ولا شك فى أن ذلك يوجب زوال السبب الثانى للتنافى ، وهو ضيق قدرة المكلف عن الجمع بين الامتثالين ، وذلك لأنه إذا كان بامكان المكلف ان يصلى فى غير الحمام ، فهو قادر على الجمع بين الامثتالين. وانما المهم تحقيق حال السبب الأول للتنافى ، وهو التضاد فى عالم المبادىء ، فقد يقال بزواله أيضا ، لأن الوجوب بمبادئه متعلق بالجامع ولا يسرى الى الحصة ، والحرمة بمبادئها قائمة بالحصة ، فلم يتحد المعروض لهما. وهذا مبنى على بحث تقدم فى التخيير العقلى ، وانه هل يستبطن تخييرا شرعيا ووجوبات مشروطة للحصص ولو بلحاظ عالم المبادىء؟ فان قيل باستبطانه ذلك ، لم يجد اختلاف المتعلقين بالاطلاق والتقييد فى التغلب على السبب الأول للتنافى ، لأن وجوب الجامع يسرى ولو بمبادئه الى الحصص ، وإن أنكرنا الاستبطان المذكور ، اتجه القول بعدم التنافى وجواز الأمر بالمطلق والنهى عن الحصة.
غير ان مدرسة المحقق النائينى رحمه الله (١) برهنت على التنافى بين الأمر بالمطلق والنهى عن الحصة بطريقة اخرى منفصلة عن الاستبطان المذكور ، وهى ان الأمر بالمطلق يعنى ان الواجب لوحظ مطلقا من ناحية
ـــــــــــــــ
(١) راجع : فوائد الاصول : ج ٢ ص ٤٣٥.