العلم من الجامع الاجمالى الى تحصصه ضمن الفرد
رابعها : ان يكون العلم السارى الى الفرد تعبديا ، بأن قامت إمارة على ذلك بنحو لو كانت علما وجدانيا لحصل الانحلال.
وقد يتوهم فى مثل ذلك الانحلال التعبدى بدعوى ان دليل الحجية يرتب كل آثار العلم على الامارة تعبدا ، ومن جملتها الانحلال. ولكنه توهم باطل ، لأن مفاد دليل الحجية إن كان هو تنزيل الامارة منزل العلم ، فمن الواضح ان التنزيل لا يمكن أن يكون ناظرا الى الانحلال ، لأنه أثر تكوينى للعلم وليس بيد المولى توسيعه. وإن كان مفاد دليل الحجية اعتبار الامارة علما على طريقة المجاز العقلى ، فمن المعلوم ان هذا الاعتبار لا يترتب عليه آثار العلم الحقيقى التى منها الانحلال ، وانما يترتب عليه آثار العلم الاعتبارى.
فان قيل : نحن لا نريد بدليل الحجية أن نثبت الانحلال الحقيقى بالتعبد لكى يقال بأنه أثر توينى تابع لعلته ولا يحصل بالتعبد تنزيلا أو اعتبارا ، بل نريد استفادة التعبد بالانحلال من دليل الحجية ، لأن مفاده التعبد بالغاء الشك والعلم بمؤدى الامارة ، وهذا بنفسه تعبد بالانحلال ، فهو انحلال تعبدى.
كان الجواب على ذلك : ان التعبد المذكور ليس تعبدا بالانحلال ، بل بما هو علة للانحال ، والتعبد بالعلة لا يساوق التعبد بمعلولها. أضف الى ذلك ان التعبد بالانحلال لا معنى له ولا أثر ، لأنه إن اريد به التأمين بالنسبة الى الفرد الاخر بلا حاجة الى إجراء أصل مؤمن فيه فهذا غير صحيح ، لان التأمين عن كل شبهة بحاجة الى أصل مؤمن حتى ولو كانت بدوية. وإن اريد بذلك التمكين من اجراء ذلك الاصل فى الفرد