اعتراضات على اجراء البراءة فى المقام ويختص بعض هذه الاعتراضات بالبراءة العقلية وبعضها بالبراءة الشرعية وبعضها ببعض ألسنة البراءة الشرعة ى. ونذكر فيما يلى أهم تلك الاعتراضات :
الأول : الاعتراض على البراءة العقلية والمنع عن جريانها فى المقام حتى على مسلك قبح العقاب بلا بيان. وتوضيحه على ما افاده المحقق العراقى قدس الله روحه (١) : ان العلم الاجمالى هنا وإن لم يكن منجزا ، وهذا يعنى ترخيص العقل فى الاقدام على الفعل أو الترك ، ولكن ليس كل ترخيص براءة ، فان الترخيص تارة يكون بملاك الاضطرار وعدم امكان أدانة العاجز ، واخرى يكون بملاك عدم البيان ، والبراءة العقلية هى ما كان بالملاك الثانى.
وعليه فان اريد فى المقام ابطال منجزية العلم الاجمالى بنفس البراءة العقلية فهو مستحيل ، لانها فرع عدم البيان ، فهى لا تحكم بان هذا بيان وذاك ليس ببيان ، لانها لا تنقح موضوعها ، فلابد من اثبات عدم البيان فى الرتبة السابقة على إجراء البراءة ، وهذا ما يتحقق فى موارد الشك وجدانا وتكوينا ، لان الشك ليس بيانا ، وأما فى مورد العلم الاجمالى بجنس الالزام فى المقام فالعلم بيان وجدانا وتكوينا ، فلكى نجرده من صفة البيانية لابد من تطبيق قاعدة عقلية تقتضى ذلك ، وهذه القاعدة ليست نفس البراءة العقلية ، لما عرفت من انها لا تنقح موضوعها ، وانما هى قاعدة عدم امكان إدانة العاجز التى تبرهن على عدم صلاحية العلم الاجمالى المذكور للمنجزية والحجية وبالتالى سقوط عن البيانية.
ـــــــــــــــــ
(١) نهاية الافكار : القسم الثانى من الجزء الثالث ص ٢٩٣.