البراءة وفقا للدوران المذكور.
ولكن قد يقال كما فى إفادات الشيخ الانصارى (١) وغيره بأن هذا انما يصح فيماإذا كان بالامكان أن يكلف الناسى بالاقل ، فانه يدور عنده أمر الواجب حينئذ بين الاقل والاكثر ، ولكن هذا غير ممكن ، لأن التكليف بالاقل إن خصص بالناسى فهو محال ، لأن الناسى لا يرى نفسه ناسيا ، فلا يمكن لخطاب موجه الى الناسى أن يصل اليه. وإن جعل على المكلف عموما شمل المتذكر أيضا ، مع إن المتذكر لا يكفى منه الاقل بلاإشكال. وعليه فلا يمكن أن يكون الاقل واجبا فى حق الناسى ، وانما المحتمل إجزاؤه عن الواجب ، فالواجب إذن فى الاصل هو الاكثر ويشك فى سقوطه بالاقل ، وفى مثل ذلك لا تجرى البراءة.
والجواب : ان التكليف بالجامع يمكن جعله وتوجيهه الى طبيعى المكلف ، ولا يلزم منه جواز اقتصار المتذكر على الاقل ، لانه جامع بين الصلاة الناقصة المقرونة بالنسيان والصلاة التامة ، كما لا يلزم منه عدم امكان الوصول الى الناسى ، لان موضوع التكليف هو طبيعى المكلف ، غاية ما فى الأمر ان الناسى يرى نفسه آتيا بأفضل الحصتين من الجامع مع انه انما تقع منه أقلهما قيمة ، ولا محذور فى ذلك.
وهذا الجواب أفضل مما ذكره عدد من المحققين فى المقام ، من حل الاشكال وتصوير تكليف الناسى بالاقل بالافتراض خطابين : أحدهما متكفل بايجاب الاقل على طبيعى المكلف ، والاخر متكفل بايجاب
ـــــــــــــــــ
(١) راجع : فرائد الاصول : ص ٤٨٣ ـ ٤٨٤.