أما الاستشكال الأول فجوابه :
أولا : إننا ننكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان راسا.
وثاينا : انه لو سلمنا بالقاعدة ، فهى مختصة بالاحكام المشكوكة التى لا يعلم بأهميتها على تقدير ثبوتها. وأما المشكوك الذى يعلم بأنه على تقدير ثبوته مما يهتم المولى بحفظه ولا يرضى بتضييعه ، فليس مشمولا للقاعدة من أول الأمر ، والخطاب الظاهرى أى خطاب ظاهرى يبرز اهتمام المولى بالتكاليف الواقعية فى مورده على تقدير ثبوتها ، وبذلك يخرجها عن دائرة قاعجة قبح العقاب بلا بيان.
وأما الاستشكال الثانى فينشأ من أن الذى ينساق اليه النظر ابتداءإن اقامة الامارة مقام القطع الطريقى فى المنجزية والمعذرية تحصل بعملية تنزيل لها منزلته ، من قبيل تنزيل الطواف منزلة الصلاة. ومن هنا يعترض عليه بان التنزيل من الشارع انما يصح فيما اذا كان للمنزل عليه اثر شرعى بيد المولى توسيعه وجعله على المنزل ، كما فى مثال اللطواف والصلاة ، وفى المقام ، القطع الطريقى ليس له أثر شرعى بل عقلى ، وهو حكم العقل بالمنجزية والمعذرية ، فكيف يمكن التنزيل؟
وقد تخلص بعض المحققين عن الاعتراض برفض فكرة التنزيل واستبدالها بفكرة جعل الحكم التكليفيى على طبق المؤدى ، فاذا دل الخبر على وجوب السورة ، حكم الشارع بوجوبها ظاهرا ، وبذلك يتنجز الوجوب. وهذا هو الذى يطلق عليه مسلك جعل الحكم المماثل.
وتخلص المحقق النائينى (١) بمسلك جعل الطريقية قائلا : إن اقامة
ـــــــــــــــ
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ص ٢١.