الامارة مقام القطع الطريقى لا تتمثل فى عملية تنزيل ، لكى يرد الاعتراض السابق ، بل فى اعتبار الظن علما ، كما يعتبر الرجل الشجاع أسدا عليطريقة المجاز العقلى ، والمنجزية والمعذرية ثابتتان عقلا للقطع الجامع بين الوجود الحقيقى والاعتبارى.
والصحيح إن قيام الامارة مقام القطع الطريقى فى التنجيز ، وإخراج مؤداها عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان على تقدير القول بهاإنما هو بابراز اهتمام المولى بالتكليف المشكوك على نحو لا يرضى بتفويته على تقدير ثبوته ، كما تقدم. وعليه فالمهم فى جعل الخطاب الظاهرى أن يكون مبرزا لهذا الاهتمام من المولى ، لأن هذا هو جوهر المسألة ، وأما لسان هذا الابراز وصياغته وكون ذلك بصيغة تنزيل الظن منزلة العلم ، أو جعل الحكم المماثل للمؤدى ، أو جعل الطريقية ، فلا دخل لذلك فى الملاك الحقيقى ، وانما هو مسألة تعبير فحسب ، وكل التعبيرات صحيحة ما دامت وافية بابراز الاهتمام المولوى المذكور ، لأن هذا هو المنجز فى الحقيقة.
وأما البحث الثانى فان كان القطع مأخوذا موضوعا لحكم شرعى بوصفه منجزا ومعذرا ، فلا شك فى قيام الامارة المعتبرة شرعا مقامه ، لأنها تكتسب من دليل الحجية صفة المنجزية والمعذرية ، فتكون فردا من الموضوع ، ويعتبر دليل الحجية فى هذه الحالة واردا على دليل ذلك الحكم الشرعى المرتب على القطع ، لأنه يحقق مصداقا حقيقيا لموضوعه.
وأما اذا كان القطع مأخوذا بما هو كاشف تام ، فلا يكفى مجرد اكتساب الامارة صفة المنجزية والمعذرية من دليل الحجية ، لقيامها مقام القطع الموضوعى ، فلا بد من عناية اضافية فى دليل الحجية ، وقد