بتوسط هذه المفاهيم من الحكم على النار والموقد الخارجيين ، وليس الغرض ايجاد خصائص حقيقة النار فى الذهن. وواضح أنه يكفى لتوفير الغرض الذى ذكرناه أن يكون الحاصل فى الذهن نارا بالنظر التصورى وبالجمل الاولى ، لما تقدم منا سابقا فى البحث عن القضايا الحقيقية والخارجية من كفاية ذلك فى إصدار الحكم على الخارج.
وأما الغرض من إحضار المفوم الثالث الذى هو بازاء النسبة الخارجية ، والربط المخصوص بين النار والموقد ، فهو الحصول على حقيقة النسبة والربط ، لكى يحصل الارتباط حقيقة بين المفاهيم فى الذهن. ولا يكفى أن يكون المفهوم المنتزع بازاء النسبة نسبة بالنظر التصورى وبالحمل الاولى أى مفهوم النسبة وليس كذلك بالحمل الشائع والنظر التصديقى ، إذ لا يتم حينئذ ربط بين المفاهيم ذهنا.
وبذلك يتضح أول فرق أساسى بين المعنى الاسمى والمعنى الحرفى ، وهو أن الأول سنخ مفهوم يحصل الغرض من إحضاره فى الذهن بأن يكون عين الحقيقة بالنظر التصورى ، والثانى سنخ مفهوم لا يحصل الغرض من إحضاره فى الذهن إلا بأن يكون عين حقيقته بالنظر التصديقى.
وهذا معنى عميق لايجادية المعانى الحرفية ، بأ يراد بايجادية المعنى الحرفى كونه عين حقيقة نفسه ، لا مجرد عنوان ومفهوم يرى الحقيقة تصورها ويغايرها حقيقة ، والأنسب ان تحمل ايجادية المعانى الحرفية التى قال بها المحقق النائينى (١) على هذا المعنى ، لا على ما تقدم فى الحلقة
ـــــــــــــــ
(١) فوائد الاصول : ج ١ ص ٣٧.