غير لزومى ولا يؤذى المولى فواته ، لم يحكم العقل بلزوم الامتثال. فالوجوب العقلى فرع مرتبة معينة فى ملاك الطلب ، وهذه المرتبة لا كاشف عنها الا الدليل اللفظى ، فلابد من فرض أخذها فى ملدلول اللفظ لكى يتنقح بذلك موضوع الوجوب العقلى.
وثانيا : ان لازم القول المذكور ان يبنى على عدم الوجوب فيما اذا اقترن بالأمر عام يدل على الاباحة فى عنوان يشمل بعمومه مورد الامر ، وتوضيح ذلك انه اذا بنينا على ان اللفظ بنفسه يدل على الوجوب ، فالأمر فى الحالة التى اشرنا اليها يكون مخصصا لذلك العام الدال على الاباحة ومخرجا لمورده عن عمومه ، لانه أخص منه ، والدال الأخص يقدم على الدال العام ، كما تقدم.
وأمّا اذا بنينا على مسلك المحقق النائينى المذكور ، فلا تعارض ولو بنحو غير مستقر بين الأمر والعام ، ليقدم الأمر بالأخصية ، وذلك لان الأمر لا يتكفل الدلالة على الوجوب بناء على هذا المسلك ، بل المتعين بناء عليه ان يكون العام رافعا لموضوع حكم العقل بلزوم الامتثال ، لأن العام ترخيض وارد من الشارع ، وحكم العقل معلق على عدم ورود الترخيص من المولى ، مع ان بناء الفقهاء والارتكاز العرفى على تخصيص العام فى مثل ذلك والالتزام بالوجوب.
وثالثا : إنه قد رفرض ان العقل يحكم بلزوم امتثال طلب المولى معلقا على عدم ورود الترخيص من الشارع ، وحينئذ نتساءل : هل يراد بذلك كونه معلقا على عدم اتصال الترخيص بالامر ، أو على عدم صدور الترخيص من المولى واقعا ولو بصورة منفصلة عن الامر ، أو على عدم احراز الترخيص ويقين المكلف به؟ والكل لا يمكن الالتزام به.