أمام الأول فلأنه يعنى أن الأمر اذا ورد ولم يتصل به ترخيص ، تم تم بذلك موضوع حكم العقل بلزوم الامتثال. وهذا يستلزم كون الترخيص المنفصل منافيا لحكم العقل باللزوم ، فيمتنع ، هذا اللازم واضح البطلان.
وأما الثانى : فلأنه يستلزم عدم احراز الوجوب عند الشك فى الترخيصص المنفصل واحتمال وروده ، لان الوجوب من نتائج حكم العقل بلزوم الامتثال ، وهو معلق بحسب الفرض على عدم ورود الترخيص ولو منفصلا ، فمع الشك فى ذلك يشك فى الوجوب.
وأما الثالث : فهو خروج عن محل الكلام ، لأن الكلام فى الوجوب الواقعى الذى يشترك فيه الجاهل والعالم لا فى المنجزية.
القول الثالث : ان دلالة الأمر على الوجوب بالاطلاق وقرينة الحكمة ، وتقريب ذلك بوجوه :
أحدهما : ان الأمر يدل على ذات الارادة ، وهى تارة شديدة ، كما فى الواجبات ، واخرى ضعيفة ، ما فى المستحبات.
وحيث ان شدة الشىء من سنخه ، بخلاف ضعفه ، فتتعين بالاطلاق الارادة الشديدة ، لانها بحدها لا تزيد على الارادة بشىء ، فلا يحتاج حدها الى بيان زائد على بيان المحدود ، بينما تزيد الارادة الضعيفة بحدها عن حقيقة الرادة ، فلو كانت هى المعبر عنها بالأمر ، لكان اللازم نصب القرينة على حدها الزائد ، لأن الأمر لا يدل إلا على ذات الارادة.
وقد أجيب على ذلك : بأن اختلاف حال الحدين أمر عقلى بالغ الدقة وليس عرفيا ، فلا يكون مؤثرا فى اثبات إطلاق عرفى يعين أحد الحدين.