ثانيها : وهو مركب من مقدمتين :
المقدمة الاولى : ان الوجوب ليس عبارة عن مجرد طلب الفعل ، لان ذلك ثابت فى المستحبات أيضا ، فلابد من فرض عناية زائدة بها يكون الطلب وجوبا ، وليست هذه العناية عبارة عن انضمام النهى والمنع عن الترك الى طلب الفعل ، لأن النهى عن شىء ثابت فى باب المكروهات أيضا ، وانما هى عدم ورود الترخيص فى الترك ، لأن هذا الأمر العدمى هو الذى يميز الوجوب عن باب المستحبات والمكروهات. ونتيجة ذلك إن الميز للوجوب أمر عدمى وهو طلب الفعل ، وأمر عدمى وهو عدم الترخيص فى الترك ، والمميز للاستحباب أمر وجودى وهو الترخيص فى الترك ، فيكون مركبا من أمرين وجوديين.
المقدمة الثانية : إنه كلما كان الكلام وافيا بحيثية مشتركة ويتردد أمرها بين حقيقتين المميز لاحداهما أمر عدمى والمنميز للاخرى أمر وجودى ، تعين بالاطلاق ، الحمل على الأول ، لأن الأمر العدمى أسهل مؤونة من الأمر الوجودى.
فاذا كان المقصود ما يتميز بالأمر الوجودى مع انه لم يذكر الأمر الوجودى ، فهذا خرق عرفى واضح لظهور حال المتكلم فى بيا تمام المراد بالكلام. واما اذا كان المقصود ما يتميز بالأمر العدمى ، فهو ليس خرقا لهذا الظهور بتلك المثابة عرفا ، لأن المميز حينما يكون أمرا عدميا ، كأنه لا يزيد على الحيثية المشتركة التى يفى بها الكلام.
ومقتضى هاتين المقدمتين تعين الوجوب بالاطلاق.
ويرد عليه المنع من اطلاق المقدمة الثانية ، فانه ليس كل أمر