وسائر لوازم الإمامة ساقطة في هذه الأوقات المشحونة بالمحن والابتلاءات ، ودعوى توكيل الفقيه المأمون في القيام بما يمكن من ذلك عنه ممنوعة كل المنع ، كدعوى القيام حسبة وإن لم يوكله كالولايات ونحوها في وجه.
وبالجملة فدعوى وجوب دفع حق الامام عليهالسلام للأصناف الآن من حيث وجوب الإتمام عليه حتى في هذا الزمان للمرسلين السابقين مما لا تستأهل أن يسود بها قرطاس أو يستعمل فيها يراع وفي خبر المعلى بن خنيس (١) المروي في أصول الكافي في باب سيرتهم عليهمالسلام في أنفسهم إذا أظهر أمرهم ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام يوما : جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعم ، فقلت : لو كان هذا لكم لعشنا معكم ، فقال عليهالسلام : هيهات هيهات يا معلى أما والله ان لو كان ذلك ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب ، فزوي ذلك عنا ، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله نعمة إلا هذه » وهو كالصريح في سقوط هذه التكاليف عنهم عند قصور اليد ، وأما الاستناد إلى إذن الفحوى بالطريق المتقدم ففيه منع حصول العلم بالرضا بذلك ، إذ المصالح والمفاسد التي في نظر الامام عليهالسلام مما لا يمكن إحاطة مثلنا به ، خصوصا من لم تزهد نفسه في الدنيا منا ، فقد يكون صلة واحد من شيعته أو إطفاء فتنة بينهم أو فعل أمور لها مدخلية في الدين أولى من كل شيء في نظره ، كما يومي اليه تحليلهم بعض الأشخاص وأقاربهم في شدة الحاجة فكيف يمكن القطع برضاه فيما يفعله غيرهم ، خصوصا مع عدم خلوص النفس من الملكات الردية كالصداقة والقرابة ونحوهما من المصالح الدنيوية ، فقد يفضل على البعض لذلك ويترك الباقي في شدة الجوع والحيرة ، بل ربما يستغني ذلك البعض بقبض ما حصل له فيحتال في قبض غيره إلى تمليك زوجته أو ولده ما عنده
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ ص ٤١٠ الطبع الحديث.