ومن ذلك كله ظهر لك أنه لا ينبغي التوقف في أنه يحرم الاحتقان بالمائع وإن حكي عن ابن الجنيد إطلاق استحباب الامتناع من الحقنة ، لأنه يصل إلى الجوف ، بل عن جمل المرتضى « أن قوما قالوا بأن الحقنة تنقص الصوم ولا تبطله ، وهو الأشبه » لكن لا يخفى عليك أن الصحيح (١) المزبور وما سمعته من الناصريات ومحتمل إجماع الغنية حجة عليهم ، بل وعلى معتبر المصنف لا لما في المختلف من ان تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية ـ فيكون بين الصوم والاحتقان الذي هو نقيض المعلول منافاة ، وثبوت احد المتنافيين يقتضي عدم ثبوت الآخر ، وذلك يوجب عدم الصوم عند ثبوت الاحتقان الذي أورد عليه في المدارك وغيرها بأن نقيض المعلول انما هو جواز الاحتقان لا نفسه واللازم من ذلك انتفاء الصوم عند جواز الاحتقان لا عند حصوله وإن كان محرما ، كما هو واضح ، وإن أمكن مناقشته فيه ، بل مقتضاه البطلان ولو جاز الاحتقان لمرض ونحوه ـ بل لظاهر انسياق البطلان عرفا من نحو هذه النواهي في العبادة لا الحرمة خاصة كما هو محرر في محله.
وحينئذ فـ يجب به القضاء على الأظهر خلافا لمن عرفت ، بل الأقوى إن لم ينعقد إجماع كما حكاه في المختلف عن السيد وجوب الكفارة به ، لاندراجه فيمن أفطر متعمدا ، اللهم إلا أن يدعى انسياق غيره منها ، وفيه بحث فمن الغريب بعد ذلك كله ما في الرياض من انه لو لا اشتهار القول بالتحريم بالمائع ـ بل عدم الخلاف فيه إلا من المرتضى حتى انه يستفاد من الناصرية والغنية الإجماع على الإفطار به والقضاء ـ لكان القول بالجواز غير بعيد ، لما مر من الأدلة في السعوط ، مع قوة احتمال الجمع بين أخبار المسألة بالحمل على الكراهة ، سيما الرضوي المتضمن للنهي عن السعوط بكلمة « لا يجوز » الداخلة على كلتيهما ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ـ الحديث ٤.