وفيه ان الأصل مقطوع بما سمعت مما لا يقبل حمله على الكراهة ، كمحكي الإجماع بل خبر ابن مسلم كالصريح في نفيها عند التأمل ، مضافا إلى عدم المقتضي ، وخبر ابن سنان بعد الطعن في سنده يمكن إرادة الحرمة من الكراهة فيه ، بل هو أولى من حمل النهي في النصوص السابقة عليها ، والجمع بينه وبين الثوب المبلول بلفظ النهي في خبر واحد أعم من الكراهة بعد استقلال كل منهما بنهي.
وبالجملة لا محيص للفقيه عن القول الأول بل هو أشبه واستبعاد كون خصوص غمس الرأس من البدن مفطرا مع فرض عدم دخول شيء من الماء في شيء من المنافذ اجتهاد في مقابلة النص ، كالقول بأنه محرم ولكن لا يوجب قضاء ولا كفارة وإن اختاره المصنف لقوله وهل يفسد الصوم بفعله؟
الأشبه لا تبعا للمحكي عن استبصار الشيخ وتبعه عليه غيره كالفاضل وولده والمحقق الثاني وثاني الشهيدين وغيرهم ، للأصل بعد خلو النصوص عن التعرض لهما حتى حكي عن الشيخ انه قال : لا أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة أو أحدهما به ، واقتصارها على النهي المراد منه حقيقة الحرمة التي هي أعم منهما بعد فرض تعلقها بخارج عن العبادة ، لكنه كما ترى هدم للمستفاد في سائر الأبواب من الأحكام الوضعية في أمثال هذه النواهي كالأوامر بقرينة كون المقصد الأهم للشارع بيان الصحة والفساد ، حتى صار ذلك من تفاهم أهل العرف في خطاب المتعلق بعبادة أو معاملة مما يوصف بالصحة والفساد ، وعليه بنوا كثيرا من الشرائط والموانع كما لا يخفى على المتتبع ، ودعوى النهي هنا للاحتياط عن دخول الماء المنافذ لا لأنه مفطر اجتهاد لا دليل عليه ، كل ذلك مضافا إلى ظهور خبر الخصال (١) المتقدم في المسألة السابقة في انه من المفطرات
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ـ الحديث ٦.