ومال اليه بعض متأخري المتأخرين معللا له بالاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن وفرع عليه في الكشف عدم البطلان بالشك ـ في دخول الغليظ والوصول إلى الجوف ، وخروج آثار الغبار بنخامته وبضاقه لا يدل على غلظه ، إذ قد يحصل من استمرار الخفيف ، لكن لا يخفى عليك أن المتجه الإفطار به وإن لم يكن غليظا ، بناء على أن المدارك الإطلاق ، بل ولو قلنا الخبر المزبور ، إذ هو مطلق أيضا ، ولقد أجاد في المدارك والذخيرة حيث قال : « إن الاعتبار يقتضي عدم الفرق » لكن في الرياض « أن التقييد لا يخلو من قوة لا للجمع لعدم شاهد عليه ، بل لعدم دليل على الابطال على الإطلاق سوى الرواية ، وهي لقطعها وعدم معلومية المسؤول عنه فيها لا تصلح للحجية وإن حصلت معها الشهرة ، لأنها انما تجبر الرواية المسندة لا المقطوعة ، ولا إجماع على الإطلاق ، لوقوع الخلاف فيما عدا الغليظ مع شهرة التقييد به كما عرفته » وفيه أن القطع غير قادح بعد ما ذكرناه في محله ، ومعقد بعض الإجماع مطلق أيضا ، مضافا إلى ما يظهر من الفاضل وغيره من أن مدرك الإفطار به الإطلاقات وأنه كابتلاع غير المعتاد لا خصوص الخبر ، وفي المسالك لم يقيد المصنف الغبار بكونه غليظا كما فعله جماعة وورد في بعض الأخبار ، والظاهر أن عدم القيد أجود لأن الغبار المتعدي إلى الحلق نوع من المتناولات وإن كان غير معتاد ، فيحرم ويفسد الصوم ويجب به الكفارة سواء في ذلك الغليظ والرقيق ، بل الحكم فيه أغلظ من المأكول إذا كان غبار ما يحرم تناوله ، وهو جيد جدا ، نعم ينبغي أن يستثنى ما يعسر التحرز منه ، كما أنه ينبغي أن يعلم انه مطلقا غير مفطر مع النسيان والقهر إلا إذا خرج إلى فضاء الفم بهيئة الطين فابتلعه ، فإنه يفسد حينئذ ويأتم.
وعلى كل حال فعن أكثر المتأخرين إلحاق الدخان الغليظ به الذي يحصل منه جزء يتعدى إلى الحلق ، بل في المدارك نسبته إلى المتأخرين ، وقد يشكل